تتجه أسعار المحروقات في المغرب الى الإرتفاع، مما أثار موجة من الغضب والاستياء في صفوف المواطنين عبر مختلف المدن، وفقًا للمعطيات المتوفرة، ستدخل هذه الزيادة حيز التنفيذ مع بداية الساعة الأولى من العام الجديد، حيث سيرتفع سعر الغازوال بمقدار 33 سنتيمًا للتر، في حين سيرتفع سعر البنزين بمقدار 28 سنتيمًا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الزيادة قد تختلف بشكل طفيف بين المناطق المختلفة وشركات توزيع الوقود في المملكة، في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر من قطاع الطاقة أن الزيادة مرتبطة بارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى زيادة تكاليف النقل والتوزيع، يرى العديد من المواطنين أن شركات المحروقات تستغل هذه الظروف لتحقيق أرباح كبيرة، وهو ما يعمق تدهور القدرة الشرائية للمستهلكين.
و جددت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بشركة “سامير”، مطالبتها باستئناف تكرير البترول بمصفاة المحمدية، دون مزيد من التماطل والتسويف، خصوصا بعد انتفاء كل المزاعم الحكومية للتهرب من التدخل للمساعدة في الحل، والتي كان اخرها انتهاء مسطرة التحكيم الدولي.
ودعا كونفدراليو سامير في بلاغ الحكومة للكف عن موقفها السلبي في قضية الشركة، والعمل على انطلاق الإنتاج من جديد في المصفاة المغربية للبترول، عبر كل الصيغ الممكنة ومنها أساسا التفويت بمقاصة الديون لفائدة الدولة المغربية.
وتوقفت النقابة على الوضعية المقلقة والخسائر المهولة المترتبة عن توقيف الإنتاج بشركة سامير منذ غشت 2015، من بعد مواجهتها بالتصفية القضائية، وعلى الظروف الاجتماعية المزرية للمستخدمين الرسميين والمتقاعدين بالشركة، وعلى الآثار السلبية على التنمية المحلية.
ونبهت الكونفدرالية إلى أن السياق الدولي المضطرب والمفتوح على كل الاحتمالات، يستوجب تعزيز السيادة الوطنية في كل المجالات، ومنها التمكن من الإنتاج والتصنيع للحاجيات الطاقية الوطنية، التي تمثل فيها الطاقات البترولية أكثر من 52℅، ما يعكس ملحاحية العودة لتكرير البترول بالمغرب وربط المصفاة بشبكة الغاز الطبيعي، وإطلاق الصناعات البتروكيماوية واسترجاع كل المزايا الضائعة من بعد تعطيل صناعات تكرير البترول.
وشدد البلاغ، على أن الاهتمام والعناية بالخبرات البشرية في الصناعات البترولية، جزء من المحافظة والرهان على تطوير هذه الصناعات، مما يتطلب الانتباه بالجدية المطلوبة للأوضاع المزرية للمستخدمين والمتقاعدين بشركة سامير.
و دعا نقابيو سامير إلى أداء الاشتراكات في التقاعد وتمتيع المستخدمين بالأجور العالقة منذ 2016 والعودة للصرف الطبيعي للأجور على قاعدة الاتفاقية الجماعية الجاري بها العمل في ظل الإذن باستمرار النشاط، والمحافظة على النظام العادي داخل الشركة والانضباط للمساطير التنظيمية المعمول بها.
وأكدت النقابة على الاستمرار في النضال والترافع بكل الوسائل المتاحة، بغاية إنقاذ شركة سامير وحماية كل المصالح والحقوق المرتبطة بها، وإحياء التكرير بالمصفاة المغربية للبترول وتعزيز السيادة الطاقية للمغرب والحد من التفاهمات حول غلاء أسعار المحروقات، واسترجاع كل المكاسب والامتيازات المتصلة بهذه الصناعة.
و قال الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، إن حجم الضرر، الذي أصاب المستهلكين، من جراء تحرير أسعار المحروقات، “يتطلب اليوم، القول والتصريح وبالشجاعة اللازمة، بأن هذا القرار كان خاطئا وخارجا عن الصواب، وهو ما يتطلب التراجع عنه”.
واعتبر اليماني، أن الضرر الذي طال المستهلك يتطلب “العودة إلى اتخاذ كل الاجراءات الكفيلة بتخفيض أسعار المحروقات، ومنها إسقاط قرار تحرير الأسعار والتخفيف من الضغط الضريبي واستئناف تكرير البترول والتنقيب عليه، فضلا عن تنظيم القطاعي في إطار الوكالة الوطنية للطاقة والاهتمام بالطاقة البترولية، التي تمثل حتى اليوم، أكثر من 52 في المائة من المزيج الطاقي الوطني، وذلك رغم الحديث المكثف عن الطاقات الجديدة والتأخر في رفع حصة الغاز الطبيعي في المعادلة الطاقية للمغرب”.
وكشف اليماني أنه “لو لم يتم تحرير أسعار المحروقات، فكان من الواجب، وحسب متوسط السوق الدولية، أن لا يتعدى ثمن المازوط 9.98 درهم للتر وثمن ليصانص 11.06 للتر، وذلك في النصف الثاني من شهر دجنبر الجاري”.
وبقراءة سريعة في متوسط أسعار البيع في المحطات، خلال سنة 2024، يضيف اليماني، فقد وصل متوسط ثمن لتر الغازوال، حوالي 12.16 درهم، وبزيادة تناهز 1.5 درهم مقارنة مع الأسعار قبل التحرير، وهو ما يعادل 10 مليار درهم من الأرباح الفاحشة، في حين وصل متوسط بيع لتر البنزين، حوالي 14.20 درهم وبزيادة تفوق 2.20 درهم مقارنة مع الأسعار قبل التحرير، وهو ما يعادل 2 مليار درهم، وبذلك يصل مجموع الأرباح الفاحشة للمحروقات في السنة الجارية، زهاء 12 مليار درهم.
وتساءل الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز عن موقف الحكومة في تحديد مصير شركة “سامير” المتخصصة في تكرير البترول والمتوقفة منذ 2015، من بعد وصول قضية التحكيم الدولي لمراحلها النهائية، وقال اليماني مستفسرا: “هل للحكومة جواب ومخطط في الموضوع، أم أنه سيتم اللجوء لاستعمال مقولة “كم من حاجة قضيناها أو خربناها بتركها؟”.