نبه تقرير حقوقي جديد، من أن” الحرب في أوكرانيا كشفت عن تداعيات التبعية الغذائية والطاقية البنيوية للاقتصاد المغربي وحجم الدمار الاجتماعي الناجم عن السياسات المتبعة ببلادنا، موضحا ” أنه رغم اعتراف “النموذج التنموي الجديد” بفشل هذه السياسات على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية فإنه يوصي بمواصلتها، بل بتعميقها من خلال الارتكاز على المديونية وفتح البلاد للسلع والرساميل الأجنبية عبر ما يسمى بالتبادل الحر، وتوسيع مجال أرباح الرأسماليين المحليين والأجانب.
وشدد التقرير، على أن النموذج الزراعي التصديري المعتمد ورغم صرف الملايير من المالية العمومية، لا يوفر اليوم حتى غذاءنا الرئيسي، فالصادرات الغذائية لا تغطي سوى قرابة نصف الواردات الغذائية التي يشكل منها القمح أكثر من الثلث في السنوات العشر الأخيرة، وفي 2020 فاقت واردات المغرب من الحبوب من الاتحاد الأوروبي صادراته من الطماطم الطرية إليه، وينتج عن هذا الوضع ارتهان غذائنا بتقلبات البورصات العالمية وارتفاع دائم لتكاليف العيش اليومية.
وكشف التقرير، أن غلاء الأسعار ينزل بكل ثقله على القدرة الشرائية للطبقة العاملة، مشيرا الى ” أن إلغاء الدعم عن أسعار المحروقات بشكل كلي في دجنبر 2015 في نفس الوقت الذي توقف فيه نشاط مصفاة لا سامير التي باعتها الدولة ، مؤكدا ” أن قرار التحرير كان لصالح مجموعات رأسمالية كبيرة محلية (على رأسها شركة أخنوش، إفريقيا) وأجنبية التي تحقق أرباحا هائلة على حساب القدرة الشرائية لغالبية الفئات الشعبية.
وحذرت الجمعية الحقوقية، من ضرب ما تبقى من صندوق دعم مواد الاستهلاك الرئيسية (صندوق المقاصة) بتحرير تدريجي لأسعار السكر والقمح وغاز البوتان، ثم جاء قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (2014-2015) ليفوض للقطاع الخاص مهمة القيام بخدمات عمومية خاصة في قطاعي الصحة والتعليم وجعلها مجالات لمراكمة الأرباح، وستتوسع هذه الخصخصة لتشمل خدمات أخرى كالتدريس والتمريض وغيرها، وأضافت أنه بالنسبة لقطاع الصحة، ضربت مجانية الخدمات الصحية عبر مرسوم 30 مارس 1999، وأبانت جائحة كورونا عن الخصاص المهول في الخدمات الصحية العمومية وفي الأطقم الطبية، وتلجأ الآن الى فتح المجال أمام الرأسمال الأجنبي وتشجيع الاستثمارات الخاصة التي ستكون فاتورتها عالية للشرائح الشعبية.
وسجلت أنه في التعليم، تجلى ضرب الطابع العمومي وتدهور جودته في تشجيع الدولة للقطاع الخاص وتخليها التدريجي عن القطاع العام، وتعد الدولة مشروع “النظام الأساسي لمهن التربية والتكوين” الذي يستهدف مقومات الوظيفة العمومية في التعليم، ويعمق تسليعه ودعم الاستثمار الخاص، مؤكدة أن معاناة الأسر الكادحة ستزداد مع الأسعار الباهظة التي تفرضها مؤسسات التعليم الخصوصي، علاوة على ارتفاع أثمان اللوازم المدرسية.
وكان الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، شدد على أن الدعم المخصص لمادة القمح اللين ناهز ثلاثة ملايير درهم منذ مطلع السنة الجارية، وأوضح بايتاس، ان الدعم الحكومي المخصص للقمح اللين ناهز 3 ملايير خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، وذلك بموجب الاتفاق بين الحكومة وأرباب المطاحن والمخابز القاضي بتحديد ثمن هذه المادة في 270 درهما للقنطار.
وأوضح الوزير أنه بالنظر للارتفاع الكبير في أسعار هذه المادة في الأسواق الدولية، أصبحت الحكومة تتحمل بموجب هذا الاتفاق أزيد من 100 درهم للقنطار حاليا، مقابل 83 درهم للقنطار مطلع يناير، بعد أن تجاوز سعر القنطار 500 درهم.
وبخصوص ارتفاع أسعار باقي المواد الأساسية، أوضح الوزير أنه يتعين التمييز بين المواد المنتجة محليا والتي تعرف استقرارا، والمواد المستوردة التي تخضع لتقلبات السوق الدولية.
وقال، في هذا الصدد، إن التدخل الحكومي المتمثل في الحد من التصدير والوقوف على مسارات البيع بالجملة والحوار مع المهنين مكن من خفض أسعار مجموعة من المواد الأساسية، لاسيما الخضر، التي أصبحت أسعارها مستقرة حاليا وتميل نحو الانخفاض، و أشار الوزير إلى أن المواد المستوردة مطبوعة بسياق دولي متقلب يؤثر على أسعارها، لافتا إلى أن الحكومة تتابع تطورات أسعار هذه المواد عن كثب.