شهدت جلسة مجلس النواب، يوم الثلاثاء، أجواءً مشحونة بالجدل، حيث اندلعت نقاشات حادة خلال افتتاح الجلسة العامة المخصصة لمناقشة التقرير المتعلق بالمهمة الاستطلاعية حول الأحياء الجامعية. وحدثت مشادة بين النواب بعد أن تم منح الكلمة لمقرر لجنة التعليم والثقافة، يوسف شيري، لتقديم التقرير، وهو ما اعتبره العديد من النواب مخالفًا للنظام الداخلي للمجلس.
الجدل بدأ عندما اعترض عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، في نقطة نظام على القرار، مشددًا على أن التقرير يجب أن يُقدمه مقرر المهمة الاستطلاعية، وهو البرلماني العياشي الفرفار، عضو الفريق الاستقلالي. وأوضح بووانو أنه بما أن الفرفار كان حاضرًا في القاعة، فلا يوجد سبب يمنعه من تقديم التقرير بنفسه، مطالبًا رئيس الجلسة بالالتزام بالقواعد التنظيمية للمجلس.
ورفض رئيس الجلسة الاستجابة لطلب بووانو، مما دفع الأخير إلى التهديد بتوقيف الجلسة إذا لم يتم تطبيق النظام الداخلي، وهو ما جعل الموقف يتصاعد داخل القاعة. تحت وطأة الضغوط، قرر البرلماني العياشي الفرفار، في نهاية المطاف، التوجه نحو منصة القاعة لتقديم التقرير. لكن، قبل أن يشرع في تقديمه، أشار الفرفار إلى أنه كان مترددًا في القيام بذلك بسبب ما أسماه “الغموض” الذي يحيط بالتقرير، لافتًا إلى أنه لم يتمكن من وضع اللمسات الأخيرة عليه قبل تقديمه.
وقال الفرفار في بداية كلمته: “احتراما لمجلسكم الموقر، قررت عدم تقديم تقرير لم أضع فيه الترتيبات النهائية، حتى يكون في المستوى المطلوب”. وهو ما أثار تساؤلات بين الحضور حول مدى جاهزية التقرير وشفافيته. وأضاف قائلًا: “نحن هنا للعمل المؤسساتي، وليس للانشغال بمن سيتقدم ومن لن يتقدم”.
إلا أن تدخله لم يمر مرور الكرام، حيث أثار استياء نواب العدالة والتنمية. وخرج البرلماني مصطفى الإبراهيمي عن صمته مطالبًا الفرفار بسحب عبارة “لعبة الأطفال”، معتبرًا أنها تنطوي على إهانة للنواب الذين يحق لهم إبداء ملاحظاتهم ووجهات نظرهم في أجواء من الاحترام المتبادل. وتساءل الإبراهيمي عن مدى منطقية الوضع، إذ قال: “إن كانت الإدارة هي من كتبت التقرير، فليس من حقك تقديمه”.
ومن جانبه، أكد الفرفار أنه ليس المقصود من تصريحاته التقليل من شأن النواب، وإنما كانت إشارة إلى أن الأمر يتعلق بمسؤولية سياسية، وليست مجرد مهمة إدارية، مشيرًا إلى أن الأهم هو تقديم تقرير كامل ودقيق يخدم مصلحة المجلس ويواكب الأهداف المؤسساتية.
وتواصلت المناقشات الحادة داخل الجلسة، ما يعكس حالة من التوتر في ظل الصراع السياسي حول قضية الأحياء الجامعية، الأمر الذي دفع الكثيرين للتأكيد على ضرورة أن يتم التعامل مع مثل هذه المواضيع بمنهجية مؤسساتية بعيدًا عن المناكفات السياسية.