في قلب إقليم الدريوش، وعلى ضفاف وادي كرت، يتشكل سد بني عازيمان ليكون أحد المشاريع المائية الرائدة في المغرب، ليس فقط بحجمه الضخم وسعته التخزينية التي تصل إلى 44 مليون متر مكعب، بل أيضًا بتقنياته الهندسية الفريدة التي تجمع بين الخرسانة المدكوكة والتربة المدكوكة، في مقاربة تجمع بين الصلابة والمرونة لضمان استدامة المنشأة على المدى الطويل.
هذا المشروع، الذي يندرج ضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب والسقي (2020-2027)، يعكس التزام المغرب بتعزيز الأمن المائي، تنفيذًا للتوجيهات الملكية الرامية إلى التصدي لندرة المياه وضمان استدامة الموارد المائية.
ووفقًا لعبد العزيز الزاكي، رئيس إعداد السد، فإن ما يميز بني عازيمان عن غيره من السدود المغربية هو اعتماده على تقنية تجمع بين الخرسانة والتربة المدكوكة، وهو اختيار هندسي لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة لدراسات جيولوجية وتقنية أكدت جدواه الاقتصادية والبيئية.
في ظل التقلبات المناخية وانخفاض معدل التساقطات، سارعت وزارة التجهيز والماء، بالتنسيق مع مختلف الجهات المتدخلة، إلى اتخاذ تدابير استثنائية لتسريع وتيرة الأشغال، مما ساهم في تقليص مدة الإنجاز بحوالي سنة، وفق ما أكده الزاكي.
وقد بلغت نسبة تقدم الأشغال حاليًا نحو 65%، حيث تشمل الأعمال الجارية الخرسانة المدكوكة في السد الرئيسي، إضافة إلى تجهيز الضفتين اليمنى واليسرى بالتربة المدكوكة، مع استكمال البنية التحتية اللازمة لتصريف المياه والتحكم في تدفقها.
إلى جانب دوره في توفير مياه الشرب والري، سيساهم سد بني عازيمان في الحماية من الفيضانات، والتخفيف من آثار الجفاف، مما يعزز الاستقرار المائي في المنطقة.
ولم يكن المشروع خاليًا من التحديات، خاصةً في ظل الطبيعة الجبلية للمنطقة والصعوبات الجيوتقنية، غير أن هذه العوائق تم التغلب عليها بفضل الخبرات المغربية الخالصة، حيث تم تنفيذ المشروع بالكامل بأيادٍ مغربية، من الدراسات الهندسية إلى عمليات البناء والمراقبة التقنية.
لم يقتصر تأثير المشروع على الجانب المائي فحسب، بل امتد ليشمل التنمية المحلية، حيث وفر أكثر من 600 ألف يوم عمل، مما ساهم في تحسين الظروف الاقتصادية للسكان، وتأهيل اليد العاملة المحلية، والحد من الهجرة القروية.
ومع استمرار الأشغال، يُنتظر أن يشكل سد بني عازيمان نموذجًا في مشاريع البنية التحتية المائية، ويعزز مكانة المغرب في مواجهة تحديات ندرة المياه وتحقيق التنمية المستدامة.