في سياق النقاش المتصاعد حول آليات الرقابة البرلمانية، أكد إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، استحالة تفعيل لجنة تقصي الحقائق بشأن الدعم الحكومي الموجه لاستيراد المواشي، مرجعاً ذلك إلى ما وصفه بـ”تغوّل الأغلبية الحكومية” وغياب النصاب القانوني اللازم لتشكيل هذه اللجنة وفقاً للمقتضيات الدستورية.
وفي تصريحات صحفية أدلى بها على هامش مناظرة نظّمتها مؤسسة HEM بالدار البيضاء، بعنوان “المعارضة السياسية والمشاركة في صنع القرار: أي دور لبناء التوازن السياسي في البلاد؟”، أوضح لشكر أن انخراط فريق حزبه في مبادرة تشكيل اللجنة جاء تفادياً لأي “تشويش سياسي”، رغم إدراكه المسبق لصعوبة تحقيق النصاب الدستوري.
وانتقد لشكر التركيبة الحالية للأغلبية الحكومية، معتبراً أن اختيار الأحزاب الثلاثة الأولى في الانتخابات لتشكيل التحالف الحكومي أدى إلى تعطيل توازنات دستورية جوهرية، لا سيما تلك المرتبطة بتقوية دور المعارضة داخل المؤسسات. واعتبر أن هذا التموقع السياسي غير المألوف في التجارب الديمقراطية المقارنة أفضى إلى تهميش المعارضة من دائرة صنع القرار.
كما أشار إلى أن الإصلاحات الدستورية التي شهدها المغرب سنة 2011 لم تجد طريقها إلى التفعيل العملي، في ظل هيمنة مطلقة للأغلبية على مختلف مستويات اتخاذ القرار، مركزياً وجهوياً ومحلياً، ما حال دون تمكين المعارضة من الاضطلاع بأدوارها الرقابية والتشريعية.
وفي معرض حديثه عن التباين في تصريحات أعضاء الحكومة بشأن الدعم الموجه لاستيراد الأغنام، شدد لشكر على أن الغموض في الأرقام وتضارب المعطيات الرسمية يثيران شكوكاً مشروعة، ويبرران من وجهة نظره ضرورة تحريك الآليات الرقابية، وفي مقدمتها لجان تقصي الحقائق وملتمسات الرقابة البرلمانية.
ودعا في هذا السياق إلى التنسيق بين مكونات المعارضة حول سبل استثمار المساطر الديمقراطية المتاحة، مشيراً إلى أن اللحظة السياسية الحالية، التي تتسم بتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، تقتضي تصعيد الضغط السياسي والمؤسساتي على الحكومة، خصوصاً في ظل استمرار تفاقم البطالة وتراجع القدرة الشرائية.
واختتم لشكر مداخلته بالتأكيد على أهمية مساءلة رئيس الحكومة داخل المؤسسة التشريعية، معتبراً أن ذلك يمثل مسؤولية دستورية وسياسية مستعجلة، لا سيما في أفق اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وما تستلزمه من تقييم للسياسات العمومية ومدى التزامها بمقتضيات العدالة الاجتماعية والنجاعة الاقتصادية.