وجه رشيد حموني، رئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالاً كتابياً إلى الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، بخصوص الدعم المالي العمومي الممنوح للجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز.
وأشار حموني إلى أن هناك جدلاً متصاعداً بشأن وضعية القطيع الوطني في ظل التغيرات المناخية وموجات الجفاف، إلى جانب القرارات الحكومية المتعلقة بدعم وتحفيز استيراد الأغنام والأبقار. وفي هذا السياق، برز دور الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، باعتبارها تنظيماً مهنياً يرتبط بعقود برامج وشراكات متعددة مع وزارة الفلاحة، تشمل الجوانب المالية والتدبيرية والمهنية، ولها مسؤوليات تتعلق بدعم القطيع الوطني وتطوير سلاسل الإنتاج.
وأكد أن الجمعية تشرف على شبكة تضم آلاف المربين لملايين رؤوس الأغنام والماعز، وتتولى مهاماً مرتبطة بتطوير سلسلة اللحوم الحمراء، تحسين السلالات، تأطير المنتجين، توزيع الدعم العمومي، ترقيم الماشية، وإنشاء الأسواق المؤقتة لبيع الأضاحي.
وطالب حموني بالكشف عن تفاصيل الدعم المالي الذي تلقتْه الجمعية في إطار هذه الشراكات، وتوضيح أوجه صرف هذه الأموال، والجهات المكلفة بمراقبتها. كما تساءل عن مدى قانونية الاقتطاعات التي تقوم بها الجمعية من الدعم العمومي الموجه للمربين قبل تسليمه إليهم.
من جهته، دعا عبد العزيز أفتاتي، القيادي بحزب العدالة والتنمية، إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق أو لجنة استطلاعية بشأن دعم اللحوم الحمراء، بما يشمل دعم اقتناء أضاحي العيد، متحدثاً عن تبديد ما يقارب 13.3 مليار درهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وانتقد أفتاتي التصريحات الرسمية التي قدمها رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، بخصوص كلفة استيراد الأغنام، معتبراً أن الرقم المُعلن (300 مليون درهم) مضلل، وأن المبلغ الحقيقي وفق وزارة الفلاحة بلغ 437 مليون درهم. واعتبر أن هذا التضارب في الأرقام يهدف إلى التغطية على حجم الأموال العمومية التي صُرفت في هذا القطاع.
في المقابل، قال مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن بلاغ وزارة الفلاحة الأخير حسم الجدل بشأن كلفة استيراد الماشية، رافضاً تقديم توضيحات إضافية، بما في ذلك ما يتعلق بالإعفاءات الضريبية أو ما إذا كان الملف معروضاً أمام القضاء.
واعتبر بايتاس أن معطيات وزارة الفلاحة واضحة، داعياً إلى قراءتها بتمعن لفهم الموضوع، متجنباً في الوقت ذاته الرد على أسئلة الصحفيين .
و شكل ملف استيراد الأغنام في المغرب أصبح من القضايا المثيرة للجدل خلال السنوات الأخيرة، خاصة في ظل الظروف المناخية الصعبة التي عرفتها البلاد من جفاف متكرر وارتفاع أسعار الأعلاف، مما أثر بشكل مباشر على وفرة القطيع الوطني من الأغنام والماعز.
و عرف تغيرات مناخية وجفاف أدت إلى تراجع إنتاج الكلأ وارتفاع كلفة تربية الماشية، و ارتفاع أسعار الأضاحي واللحوم الحمراء في الأسواق المحلية، دفع الحكومة إلى تبني سياسات لدعم استيراد الأغنام لتغطية الخصاص وضمان استقرار الأسعار، و عيد الأضحى يمثل ذروة الطلب على الأغنام، ما يجعل الملف حساساً سياسياً واجتماعياً.
و الحكومة أقرت إعفاءات ضريبية لتسهيل عملية الاستيراد (منها الإعفاء من رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة، دعم مباشر للمستوردين، حيث تم الإعلان عن أرقام رسمية مثل 300 إلى 437 مليون درهم لدعم استيراد الأغنام سنة 2024، و وزارة الفلاحة لعبت دوراً رئيسياً في تدبير العملية بالتنسيق مع الجمعيات المهنية.
و عرف الملف اتهامات بتبديد المال العام، خاصة بعد الكشف عن أرقام تفوق 13 مليار درهم كمجموع ما صُرف على قطاع اللحوم الحمراء خلال ثلاث سنوات، و انتقادات من برلمانيين وقيادات حزبية (مثل عبد العزيز أفتاتي) بشأن عدم الشفافية في تدبير الدعم وتضارب الأرقام الرسمية، و مطالب بلجان تقصي الحقائق للوقوف على حقيقة صرف الأموال العمومية ومآلها و الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز كذلك في قلب الجدل، بسبب إشرافها على جزء من الدعم وتوجيهه للمربين، وسط تساؤلات عن مشروعية الاقتطاعات التي تقوم بها من مبالغ الدعم.
وخاولت الحكومة طمأنة الرأي العام من خلال بلاغات رسمية، غير أن الناطق الرسمي باسمها، مصطفى بايتاس، امتنع عن تقديم تفاصيل إضافية، ما زاد من الغموض، تم التأكيد على أن الإجراءات المتخذة كانت بهدف ضمان استقرار السوق وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
و يعكس ملف استيراد الأغنام في المغرب تداخل الأبعاد الاقتصادية، الاجتماعية، والسياسية، ويُظهر الحاجة إلى شفافية أكبر في تدبير الدعم العمومي، وضرورة تقييم السياسات الفلاحية المرتبطة بالأمن الغذائي واستدامة الإنتاج الحيواني.