أكد تقرير للبنك الدولي، على أن تدعايات أزمة “كورونا” و “التوقف المفاجئ” للتقدم الاجتماعي و الاقتصادي ، يتجه بالبلاد الى تسجيل اول ركود اقتصادي منذ التسعينات، معتبرا أن “المغرب يحتل وضعا متقدما على بعض الدول بالمنطقة، مسجلا إمكانية وصوله الى الاسواق المالية الدولية “.
وسجل البنك الدولي، أن “هذا الركود ناتجٌ عن مزيج من صدمات العرض والطلب والصدمات الخارجية التي سببها الوباء، لكن أيضاً نتيجة تأثير الظروف المناخية غير المواتية على الإنتاج الزراعي”، وأفادت المعطيات “أزمة فيروس كورونا المستجد كان لها تأثير كبير على مناصب الشغل ودخل الأسر، مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة إلى الذروة وتفاقم مؤشرات الفقر والضعف”.
وحذر خبراء البنك الدولي، من أن ” الوضع في المملكة لا يزال هشا، حيث إن الاتجاهات الوبائية الأخيرة أسوأ مقارنةً بالموجة الأولى من العدوى”، حيث يتوقع البنك الدولي، أن ” ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 6.3 في المائة خلال السنة الماضية، على أن يعود إلى مستوى ما قبل الوباء ابتداءً من سنة 2022″.
و اعتبر صندوق النقد الدولي، في أعقاب مشاوراته لعام 2020 مع المغرب، برسم الفصل الخامس، أن تفاعل المغرب مكن من احتواء التداعيات الاقتصادية لوباء كوفيد – 19، وأشار صندوق النقد الدولي في بلاغ له الثلاثاء أن مرونة الأداءات وانخفاض الواردات مكنا من احتواء احتياجات المغرب للتمويل الخارجي، متوقعا تحقيق المملكة نموا بنسبة 4,5 في المائة سنة 2021.
وسجلت المؤسسة المالية الدولية أن احتياطيات العملات الأجنبية “تبقى أعلى بكثير” من مستوى السنة السابقة بفضل اللجوء على الخصوص إلى خط الوقاية والسيولة في أبريل الماضي، وكذا الولوج إلى التمويل الخارجي، وأشاد البنك الدولي “بتعامل البنوك حتى الآن مع الركود بشكل جيد إلى حد ما، مع استمرار الائتمان في الارتفاع سنة 2020، مما يعكس تفاعلا قويا من قبل البنك المركزي، الذي حس ن من شروط الحصول على السيولة وتقليص معدلات الفائدة، فضلا عن برامج القروض المضمونة للحكومة”.
واعتبر فريق عمل الصندوق أن نمو الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 7,2 في المائة سنة 2020، متوقعا انتعاشا هذه السنة بنسبة 4,5 في المائة، في الوقت الذي تتضاءل فيه آثار الجفاف والوباء، وتظل السياسة النقدية والمالية ملائمة، وأضاف أن استئناف قطاع السياحة وعائدات التصدير سيقود إلى تحسن تدريجي في العجز الحالي، وأوضحت المؤسسة المالية الدولية أن هذه التوقعات خاضعة لعدم يقين استثنائي، مع العديد من المخاطر المرتبطة بالأساس بتطور الجائحة، ومدى التقدم في ما يتعلق باللقاح سواء في المغرب أو لدى شركائه التجاريين”.
من جهته، أشاد مجلس ادارة صندوق النقد الدولي بالسلطات المغربية “لاستجابتها السريعة التي مكنت من التخفيف من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والصدمات” الناجمة عن الوباء والجفاف، وأجمع أعضاء المجلس على أن السياسة المالية قد دعمت “بشكل مناسب” الأسر والشركات في سياق الوباء، وساعدت على ذلك من خلال تبرعات الصندوق الخاص بتدبير كوفيد – 19 ، كما أشادوا “بالإجراءات الاستثنائية التي اعتمدها بنك المغرب لاحتواء آثار الوباء على الأسواق المالية والاقتصاد الحقيقي”.
وأشادت الوثيقة أيضا بالتقدم الأخير في مجال الرفع من مرونة سعر الصرف، مع الدعوة إلى استكمال التحول نحو اطار مرتقب للتضخم المستهدف لتقوبة تحول السياسة النقدية.
وأعرب صندوق النقد الدولي عن دعمه لخطة السلطات المغربية التي تروم اصلاح المؤسسات العمومية الكبرى من أجل تحسين فعاليتها وحكامتها، مع دعم تنمية القطاع الخاص، وفي يما يتعلق بتوسيع نظام الحماية الاجتماعية، أشاد مجلس إدارة صندوق النقد الدولي بالتزام السلطات بجعل الولوج إلى التغطية أكثر إنصافا مع تحسين الاستهداف وترشيد النفقات، وعلى مستوى اللجوء لخط الوقاية والسيولة، اعتبر صندوق النقد الدولي أن هذا القرار مكن من تخفيف الضغوط المالية الخارجية والحفاظ على الاحتياطيات عند مستوى مناسب. كما أشاد بقرار السلطات المغربية بإعادة شراء المبلغ المقترض في اطار خط الوقاية والسيولة، معتبرا أن هذا القرار يجعل “أي مراقبة بعد البرنامج غير ضرورية”.
و أفادت وثيقة بحثية أصدرها بنك المغرب حول “قدرة تعبئة الموارد الضريبية في المغرب” أن مستوى الإيرادات الضريبية في المغرب منخفض نسبيا مقارنة بالقدرة الضريبة المتوفرة لديه، حيث أكد الباحث هشام الدغمي الذي أنجز هذه الدراسة أنه “في المتوسط على مدى الفترة ما بين 2013 و2017، قدرت القدرة الضريبية للمغرب بنحو 27.2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، في حين أن الإيرادات الضريبية تمثل 21.2 في المائة من هذا الناتج، مما أدى إلى عجز في الإيرادات قدره 6.7 نقاط من الناتج الداخلي الخام، وبالتالي فإن المغرب يستغل حوالي 76 في المائة فقط من قدرته الضريبية”.
وأبرز الباحث في هذه الوثيقة، التي تهدف إلى تقييم نجاعة تحصيل الضرائب في المغرب من خلال تحديد الفجوة بين المستوى الملاحظ للإيرادات الضريبية والقدرة الضريبية وكذا الحد الأقصى للضرائب التي يمكن تحصيلها، أن هذه الفجوة تبلغ 4.1 في البلدان منخفضة الدخل و 6.1 في البلدان ذات الدخل المتوسط للشريحة الأدنى، و 8.3 في البلدان ذات الدخل المتوسط للشريحة الأعلى.
واعتبر الباحث أنه “إذا كان انعقاد المناظرة الوطنية حول الجبايات في ماي 2019 قد أظهر إرادة متواصلة في إصلاح النظام الضريبي الحالي، فإن بإمكان المغرب الاستفادة من ترجمة هذه الإرادة السياسية إلى سلسلة من الإجراءات و التدابير”، مشيرا إلى أنه ينبغي بذل الجهود لتوسيع الوعاء الضريبي، وزيادة الخاضعين للضريبة، وتحسين التحصيل الضريبي وتعزيز الالتزام الضريبي، و من بين التوصيات المقدمة في هذا الاتجاه، توصي الوثيقة على الخصوص بالرفع من نجاعة الضريبة على القيمة المضافة من خلال إصلاح النظام الحالي لهذه الضريبة الذي يتكون من خمسة معدلات في اتجاه توسيع مجال التطبيق.
وتضيف الدراسة أنه “من ناحية أخرى، يجب التقليص من عدد المعدلات من خلال التحول في مرحلة أولى إلى ثلاثة معدلات (0 في المائة، و 10 في المائة ، و20 في المائة)، وفي النهاية، الانتقال إلى معدلين فقط (معدل منخفض ومعدل قياسي)”، وذلك “لسبب وجيه، إذ أن المعدلات المتعددة تقلص بطبيعة الحال من الإيرادات الضريبية وتفرض تكاليف إدارية إضافية على الإدارة الضريبية وتخلق فرصا للتهرب والغش الضريبي من خلال التصنيف الخاطئ للمنتجات من قبل الفاعلين الاقتصاديين”.