استعرت حرب إنتقالات السياسيين و الأعيان و الأطر بين الأحزاب، وإرتفعت وثيرة الاستقالات على بعد شهور من الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021، للتموقع ضمن إطار حزبي يضمن له الإستمرارية في حال تمكن من الصعود الى البرلمان، أمام التغييرات الجذرية المحدثة مؤخرا على مستوى بنود القانون المؤطر للعمليات الإنتخابية، و التي أعطت الحق للأمناء العامين للحزب لمنع الترحال السياسي و تغيير الحزب خلال الولاية البرلمانية، حيث أعطى القانون ” بمنح الأمناء العامين حق تجريد الأعضاء من عضوية البرلمان، لمنع عملية الترحال التي تشهدها الساحة السياسية”، كما أن “المرشحين لا يمكن أن يترشحوا إلا بالألوان السياسية التي سيضمنون البقاء فيها لولاية كاملة”.
وتضرر حزب عزيز أخنوش ، من عمليات الترحال السياسي ، حيث رفع مجموعة من السياسيين وأعضاء الحزب إستقالات الى رئيس الحزب، و الخروج من الحزب للإلتحاق بأحزاب التقدم و الاشتراكية و الإستقلال و “البام”، هروبا من تحكم أخنوش في الحزب وتحويل للحزب الى “مقاولة”، كما صرح بذلك مجموعة من الهاربين من الحزب.
و مكن القانون التنظيمي ، الحزب السياسي الذي ترشح المعني باسمه من تقديم ملتمس لرئيس مجلس النواب المؤهل قانونا لإحالة طلب التجريد على المحكمة الدستورية، وجاء في القانون التنظيمي أنه يجوز للحزب السياسي الذي ترشح النائب المعني باسمه أن يلتمس تجريده من صفته النيابية، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية تصرح بشغور المقعد الذي يشغله المعني بناء على إحالة من رئيس مجلس النواب.
وجرم الدستور المغربي عملية “الترحال السياسي”، حيث تدخل الأحزاب السياسية لاستقطاب العديد من النواب البرلمانيين ، حيث أعلنت وزارة الداخلية ضمن المذكرة التقديمية لمشروع القانون التنظيمي أن هدف المقتضى الجديد، هو تعزيز إجراءات التخليق المتخذة في مجال محاربة ظاهرة الترحال السياسي، مشيرة إلى “منح التجريد من صفة عضو في مجلس النواب في حق كل نائب تخلى خلال مدة انتدابه عن الانتماء إلى الحزب السياسي الذي ترشح باسمه لعضوية المجلس”.
وقطع عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة ، الطريق على اللجنة الوطنية للانتخابات، وذلك بالتحكم في تزكية الترشح للانتخابات الجماعية والجهوية، حيث رفض وهبي سحب اللجنة الوطنية للانتخابات منح تزكية الترشح للانتخابات الجماعية والجهوية من يد المنسقين الجهويين.
من جهته قال نزال بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، إن حزبه يتطلع إلى أن يسهم تغيير القاسم الانتخابي في تكريس تنافس انتخابي حقيقي، وفي إحداث توازن في المشهد السياسي، وأن يفتح الباب مُشْرعا أمام إحداث تناوب ديمقراطي جديد، وأكد بركة في كلمته خلال الدورة الثامنة للجنة المركزية لحزبه، على ضرورة فتح ورش الإصلاحات السياسية، على غرار الإصلاحات الانتخابية، بغية تحقيق مزيد من التوطين للخيار الديمقراطي وتحصين المكتسبات الحقوقية، وإطلاق الآليات الكفيلة بتعزيز الثقة في الفعل السياسي، وتخليق العملية الانتخابية.
من جهة اخرى، صادق المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية على مسطرة الترشح للانتخابات التشريعية، معلنا رفض المقترح الذي يتم تداوله مع كل انتخابات المتعلق بحصر الترشح في ولايتين، وصادق المجلس على التعديلات التي قدمتها الأمانة العامة على طريقة اختيار المرشحين، والتي كانت تقوم على الاختيار من بين أعضاء الحزب العاملين والمشاركين، أو المتعاطفين، وفق عملتي الترشيح والتزكية، عبر إدخال تعديلات طفيفة على المسطرة التي تم اعتمادها سنة 2016 .
وقرر الحزب الذي يقود الحكومة الاعتماد على شيوخه في “انتخابات 2021″، التي يسعى من خلالها إلى الحصول على ولاية حكومية ثالثة رغم اعتماد القاسم الانتخابي الجديد على أساس عدد المقيدين في اللوائح الانتخابية من قبل البرلمان، الذي يرى الحزب أن هدفه هو تقزيم حجمه البرلماني.
وعبر بركة عن ارتياحه لما تتضمنه القوانين الانتخابية من مقتضيات تعزز حضور المرأة في المؤسسات المنتخبة، مشيرا إلى أن “الاستقلال” لم يستطع بالمقابل تحقيق أهداف أساسية أخرى، بسبب رفض أطراف سياسية أخرى لها، من قبيل الإبقاء على العتبة في الجماعات المحلية الضرورية لتفادي البلقنة، وضمان تمثيلية فعلية للشباب ومغاربة العالم بمجلس النواب، وغيرها.
وفيما يتعلق بورش الحماية الاجتماعية، سجل الأمين العام للاستقلال أن الضرورة تقتضي إسناد هذا الورش الوطني بإجراءات وتدابير مواكبة لضمان التنزيل السليم وفعالية الأثر الاجتماعي ونجاعة المردودية الاجتماعية، من قبيل إصلاح المنظومة الصحية وتأهيلها لتجاوز تداعيات هشاشة القطاع، وضمان ولوج الجميع إلى الخدمات الصحية بجودة عالية، من خلال توفير العدد الكافي من الأطباء في مختلف التخصصات ومن الممرضات والممرضين.
وشدد بركة، على ضرورة وضع خريطة صحية ملزمة للقطاع العام والخاص لضمان توازن الخدمات الصحية في المملكة، إلى جانب تقوية التكوين والتكوين المستمر، وإعادة هيكلة القطاع الصحي واعتماد حكامة صحية جهوية ناجعة، إضافة إلى اعتماد سياسة دوائية جديدة يكون فيها للأدوية المغربية النصيب الأوفر من التغطية الصحية.