وجّه حزب العدالة والتنمية تحذيراً مباشراً للحكومة بشأن قرب انتهاء الولاية القانونية للجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، مطالباً بإنهاء ما وصفه بـ”الوضعية الشاذة والغريبة”، التي باتت، حسب تعبيره، تهدد استقلالية المهنة وتُقوّض أسس التنظيم الذاتي المنصوص عليها دستورياً.
وفي بلاغ صدر عن الأمانة العامة للحزب مساء الإثنين 19 ماي 2025، نبّه “البيجيدي” إلى أن هذه اللجنة، التي تم إحداثها بموجب قانون في أكتوبر 2023 لمدة انتداب محددة في سنتين، تعيش “لحظة مفصلية” مع اقتراب انتهاء مدتها، داعياً الحكومة إلى تحمّل مسؤولياتها الدستورية وإعادة الأمور إلى نصابها المؤسساتي والقانوني.
انتقاد “الطريقة التحكمية” وصرف الدعم العمومي
واتهم الحزب الحكومة بانتهاج “أسلوب تحكّمي” في تدبير قطاع الصحافة، خصوصاً في ما يتعلق بطريقة صرف الدعم العمومي، مُعتبراً أن ذلك يُؤثر سلباً على حرية التعبير وعلى دور الصحافة في الرقابة وتنوير الرأي العام.
وأشار البلاغ إلى أن استمرار عمل اللجنة المؤقتة يُعمّق الفجوة بين المجتمع والصحفيين، مُؤكداً أن “تنظيم مهنة الصحافة يجب أن يتم وفق قواعد ديمقراطية، وليس عبر لجان انتقالية بسلطات واسعة خارجة عن منطق التمثيلية والاستقلالية”.
التحذير من تقييد حرية التعبير على المنصات الرقمية
في سياق متصل، عبّر الحزب عن قلقه إزاء المسار التشريعي الذي تسلكه الحكومة في إعداد إطار قانوني جديد لتنظيم شبكات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية، داعياً إلى “عدم المساس بحرية التعبير”، خصوصاً في ظل اتساع رقعة التعبير الرقمي وانتقال جزء كبير من الصحافة نحو المنصات البديلة.
سياق جدلي منذ إحداث اللجنة
وكانت الحكومة قد أقرت في أبريل 2023، مشروع قانون يُحدث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون الصحافة بالمغرب بعد انتهاء ولاية المجلس الوطني للصحافة، ما أثار انتقادات واسعة من مهنيين ومنظمات دولية، في مقدمتها منظمة مراسلون بلا حدود التي اعتبرت حينها القرار “ضربة جديدة لاستقلالية القطاع”.
ورأت المنظمة أن إحداث هذه اللجنة يمثل “محاولة لتعزيز سيطرة السلطة التنفيذية على قطاع الإعلام، وإفراغ مفهوم التنظيم الذاتي من مضمونه”، داعية السلطات المغربية إلى إعادة النظر في هذه المقاربة.
نحو أي أفق؟
ويُعيد حزب العدالة والتنمية بهذا البلاغ ملف الإعلام الوطني إلى واجهة النقاش السياسي، في لحظة توتر بين الحكومة ومكونات من الجسم الصحفي، خصوصاً في ظل مطالب بتسريع إعادة انتخاب مجلس وطني للصحافة يتمتع بالشرعية الديمقراطية ويكرّس التنظيم الذاتي المستقل، انسجاماً مع الفصل 28 من الدستور المغربي.
ويبدو أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تقرير مصير هذه اللجنة المؤقتة، وبلورة تصوّر جديد لمستقبل تنظيم المهنة، وسط تزايد الأصوات الداعية إلى إنهاء منطق “التدبير المؤقت” وترسيخ آليات ديمقراطية لتنظيم الإعلام وضمان حرية الصحافة.