في تطور جديد يعكس تفاعلاً سياسياً متنامياً داخل المؤسسة التشريعية المغربية، أعلن عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، انخراط فريقه في المبادرة البرلمانية الرامية إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن الدعم الحكومي الموجه لاستيراد المواشي وتدبير القطاع المرتبط بتربيتها منذ أواخر 2022.
وفي تصريح لأشطاري 24، شدد شهيد على أن الفريق الاشتراكي يعتبر نفسه جزءاً من كل المبادرات الهادفة إلى تقوية العمل المؤسساتي، وضمان التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، معتبراً أن تفعيل آليات الرقابة البرلمانية بات ضرورة ملحة في ظل المعطيات المتضاربة التي صاحبت هذا الملف الحساس.
وقال شهيد: “نحن دوماً مع تحريك مختلف الآليات الرقابية التي تمكّن المؤسسة البرلمانية من مراقبة العمل الحكومي، وتقييم كيفية تنفيذ الميزانية العمومية”، مؤكداً أن فريقه يدعم بشكل صريح تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول ملف دعم استيراد المواشي، خاصة “أمام تضارب التصريحات بين مكونات التحالف الحكومي”.
ويأتي هذا الموقف في وقت تسعى فيه فرق المعارضة إلى بلوغ النصاب القانوني اللازم لتفعيل اللجنة البرلمانية، في ظل غياب دعم رسمي من بعض الكتل النيابية داخل الأغلبية، مما يجعل هذه الخطوة اختباراً سياسياً لمدى التزام البرلمان بأدواره الدستورية في الرقابة على المال العام.
الجدير بالذكر أن المبادرة، التي أطلقتها ثلاثة مكونات برلمانية هي الفريق الحركي، وفريق التقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، جاءت في سياق الجدل المتصاعد حول الدعم الحكومي المخصص لاستيراد المواشي، والذي فاقت تكلفته، بحسب وثائق رسمية، 13 مليار درهم، شملت إعفاءات جمركية، وتحمّل الدولة للضريبة على القيمة المضافة، فضلاً عن دعم مباشر لتوريد الأغنام الموجهة لعيد الأضحى خلال عامي 2023 و2024.
وتسعى المبادرة إلى تسليط الضوء على معايير صرف هذه المبالغ، ومدى التزام المستفيدين بالشروط المحددة، في ظل غياب شبه تام للشفافية وفق تعبير بعض البرلمانيين.
وبحسب المقتضيات الدستورية، يتطلب تشكيل لجنة لتقصي الحقائق توقيع ثلث أعضاء مجلس النواب، أي ما لا يقل عن 131 نائباً. ومع دعم الفريق الاشتراكي، ترتفع حظوظ المعارضة نسبياً، لكنها تبقى بحاجة إلى انخراط جزئي من فرق الأغلبية لضمان تفعيل المسطرة.
ويرى مراقبون أن تفاعل باقي الكتل النيابية، لا سيما حزب الاستقلال أو بعض النواب المستقلين، سيُحدد مصير اللجنة، في وقت وصف فيه رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، هذه الخطوة بـ”الاختبار الأخلاقي الحقيقي” لمواقف النواب إزاء قضايا المال العام.
وأكد حموني في وقت سابق أن البرلمان مطالب اليوم بإثبات جديته في ممارسة الرقابة، معتبراً أن المبادرة تتجاوز الحسابات الحزبية، وتمثل مطلباً شعبياً لمساءلة الحكومة حول مردودية واحدة من أكثر السياسات دعماً وتمويلاً في السنتين الأخيرتين.
وفي حال بلوغ النصاب، سيكون على مجلس النواب إحالة الطلب إلى رئيسه لتفعيل اللجنة في أجل أقصاه 15 يوماً، على أن تُنجز مهامها في غضون ستة أشهر، وتقدم تقريراً يُنشر كاملاً أو جزئياً في الجريدة الرسمية.
أما في حال تعذر ذلك، فإن المعارضة تؤكد أنها ستلجأ إلى الرأي العام لتسليط الضوء على من عرقل المبادرة، معتبرة أن “الكرة الآن في ملعب جميع النواب”، كما جاء على لسان عدد من قياداتها.