لم نكن لنعلق على الموضوع لو بقي مجرد حديث ناس في الشارع والمقاهي، ولكن الموضوع اليوم طرحه من مفروض فيه أن يمثل الأمة، أي البرلمانيون. لقد طرح البرلماني الاتحادي الطاهر عبد القادر سؤالا كتابيا على وزيرة الاقتصاد والمالية يتعلق باستيراد الغازوال الروسي بثمن بخس بناقص حوالي 70 في المائة عن الثمن الدولي ويتم تزوير وثائق الاستيراد لإعادة بيعه في السوق المغربية بأسعار مرتفعة.
في القضية عنصران مهمان، ينبغي أن تقوم القيامة من أجلهما. الأول يتعلق بما أسماه السؤال الكتابي، وهو وثيقة رسمية كما نعرف، بالتلاعب في الشهادات المتعلقة بإقرار مصدر استيراد هذه المواد بميناء طنجة المتوسط، وهذه وحدها تكفي لتتحرك الجهات المسؤولة، التي خولها الدستور حماية ضمير المجتمع وحماية المال العام ومواجهة رؤوس الفتنة التي تطل كلما كانت هناك أزمة.
والثاني هو السعر الذي يمثل جشع تجار الأزمة.
عزيز أخنوش معني بالموضوع من جهتين: الأولى أنه رئيس الحكومة وهي المعنية بمراقبة الأسعار والاحتكار، وسجلت لحد الآن في إطار حملة مراقبة جودة السلع ووفرتها قبيل رمضان، (سجلت) أكثر من أربعة آلاف مخالفة لتجار صغار. نريد قانونا يطبق على الكبير قبل الصغير، بل إذا تم تطبيقه على الأول سيكون سهلا على الثاني. والجهة الثانية هي كون أخنوش واحدًا من كبار تجار المحروقات إن لم يكن أكبر مستحوذ على هذه السوق بنسبة عالية جدا.
الصفة الأولى والصفة الثانية تدعوان أخنوش لتوضيح موقفه. ما الأمر الذي قامت به الحكومة في هذا الاتجاه؟ وما هي الإجراءات التي اتخذتها؟
نعرف أن الحكومة لم تقم بشيء نهائيا ولن تقوم به، ولكن الأسئلة تبقى مشروعة، وينبغي أن تبقى حتى يفهم الناس أن الحكومة تمثل “رأس الفتنة” لأنها لا تقوم بواجبها بل تخلق أسباب التوتر الدائم، والتشنج، الذي يمكن أن يتحول إلى ما لا تحمد عقباه، وهم ليس لديهم ما يخسرون ونحن أبناء البلد نحب بلدنا بشكل جنوني ونريده أن يبقى وأن يتقدم لا أن يعود إلى الخلف.
أما عزيز أخنوش أكبر محتكر لسوق المحروقات بالمغرب عليه أن يوضح الأمر حتى نعرف هل هو متورط أم غير متورط. فعلى الأقل إذا كان عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، غير قادر على فعل شيء في الموضوع، فعلى عزيز أخنوش، رئيس تجمع المصالح الكبرى، أن يبرئ نفسه من تهمة المشاركة مع لوبيات المحروقات.
وكما قال القائد في سلسلة “الرحاليات”، التي تبثها القناة الأولى، “أنا أملك الأرض والسماء” في هذا الدوار، فأخنوش نفسه أصبح يقول بلسان الحال وقريبا بلسان المقال إنه يملك السماء والأرض في هذه البلاد.
الحمد لله أن في هذه البلاد مؤسسات أكبر من رئاسة الحكومة وقوانين ودستورًا وأن حامي الدولة والمؤسسات والشعب هو جلالة الملك، وهو ما يعطي الأمل للمغاربة بعودة الأمور إلى نصابها.