في خطوة تعكس المستوى المتقدم للتعاون الأمني بين الرباط ومدريد، أعلنت السلطات الإسبانية، يوم الجمعة 16 ماي، عن توقيف مواطن مغربي في مدينة غوادالاخارا، يُشتبه في انتمائه إلى الجماعات الإرهابية الجهادية، وكان موضوع مذكرة توقيف دولية صادرة عن المغرب بتهمة المشاركة في أنشطة إرهابية في سوريا والعراق.
ووفق ما نقلته الصحافة الإسبانية عن بلاغ للحرس المدني، فإن عملية التوقيف تمّت بناء على معلومات دقيقة وفّرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربي (DGST)، في إطار تنسيق استخباراتي وصف بـ”الوثيق والمثمر” بين البلدين الجارين، من أجل تحييد التهديدات المرتبطة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب.
التنسيق الأمني المغربي الإسباني.. نموذج إقليمي
وأكدت الأجهزة الأمنية الإسبانية أن المعني بالأمر، وهو من “العائدين” من بؤر التوتر في سوريا والعراق، تم تقديمه أمام المحكمة الوطنية بالعاصمة مدريد، في انتظار البتّ في طلب تسليمه إلى المغرب، حيث يواجه تهماً تتعلق بالإرهاب والانخراط في جماعات مسلحة.
ويُعد هذا التطور الأمني امتداداً للتعاون الاستراتيجي الذي يربط الأجهزة الأمنية المغربية ونظيرتها الإسبانية، خاصة في ملفات شديدة الحساسية، مثل مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
ففي السنوات الأخيرة، ساهمت الاستخبارات المغربية في تفكيك عدد من الخلايا المتطرفة داخل التراب الإسباني، كما قدمت دعماً استخباراتياً محورياً لنظيرتها الأوروبية، مكنّ من إحباط مخططات إرهابية وشيكة في أكثر من مناسبة.
الزيارة التي مهدت للمزيد من التنسيق
وتأتي هذه العملية بعد أسابيع قليلة من زيارة أمنية رفيعة المستوى إلى الرباط، قام بها اللواء لويس بالييز بنيرو، المسؤول الجديد عن الاستعلامات بالحرس المدني الإسباني، والتي شملت اجتماعاً مع عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني.
وخلال هذه الزيارة، أكد الطرفان حرصهما المشترك على تطوير آليات التنسيق الأمني، لا سيما في ظل التحديات الجديدة التي تفرضها التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، فضلاً عن استعداد البلدين لاستحقاق مشترك كبير يتمثل في استضافة نهائيات كأس العالم 2030، الذي يتطلب أقصى درجات اليقظة والتنسيق.
أولوية مشتركة قبل مونديال 2030
ويتفق خبراء في الأمن الدولي على أن التعاون المغربي-الإسباني يُعد من أكثر الشراكات الأمنية نجاعة في غرب المتوسط، بفضل ثقة متبادلة وتبادل منتظم للمعلومات، ما سمح للبلدين باحتواء تهديدات معقدة تشمل التطرف الديني، الشبكات الإجرامية، والجرائم الإلكترونية.
وتعزز هذه العملية الأخيرة صورة المغرب كفاعل إقليمي موثوق في مجال محاربة الإرهاب، في وقت تستعد فيه المملكة لتقديم نموذج جديد من التعاون الأمني متعدد الأطراف ضمن شراكتها مع إسبانيا والبرتغال استعداداً لكأس العالم 2030.