وصف نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، الحكومة بـ”حكومة مستسلمة” لمشيئة الجائحة وتداعياتها، مستقيلة من مسؤولياتها تجاه الوطن والمواطنين، بعدما تخلت عن كل مقومات الهوية كحكومة حيث لا وجود للأغلبية، ولا وجود لانسجام وتضامن حكومي، ولا وجود لرؤية واحدة في مواجهة الأزمة، ولا وجود لبعد سياسي في القرارات التي تتخذها.
واعتبر بركة في إجتماع اللجنة المركزية للحزب أول أمس ، أن ” الأداء حكومي يتسم بالمعالجة العشوائية والمتأخرة للمشاكل التي تتطلب التدخل الفوري، ويفتقد للمنظور الشمولي في تدبير الأزمة وتحكمه توجهات قطاعية محضة، قد تطبقها الإدارة دون حاجة إلى وجود الحكومة، كما يغيب عنه التخطيط والاستباقية وتعوزه الرؤية الاستشرافية للتعاطي المسؤول مع تداعيات جائحة كورونا.
وشدد بركة ، على أن صراع مكوناتها المحكوم بالتناقض والمطبوع بالهاجس الانتخابي خَلَقَ شللا في العمل الحكومي، وأفقد الحكومة القدرة على التنسيق والانسجام والعمل وفق رؤية مندمجة وشمولية، ضمانا لالتقائية وتجانس ونجاعة السياسات العمومية، مبرزا أنه أمام استقالة الحكومة في تدبير الأزمة، تشكلت قناعة لدى المواطنين بأنها غير قادرة على مواجهة وتدبير ما ينتظر بلادنا من صعوبات وتحديات خلال المرحلة القادمة للجائحة، وتحولت الجائحة لدى سائر شرائح المجتمع إلى جائحة الخوف، خوف على حياتهم، وخوف في الولوج إلى الخدمات الصحية الضرورية، وخوف من البطالة خاصة بعد توقف الدعم الاجتماعي، ومن تراجع الدخل والفقر، وخوف من إرسال الأطفال إلى المدرسة، وخوف من قرارات منتصف الليل، ومن الإغلاق الشامل والرجوع إلى الحجر الصحي.
و كشف نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، ” أن جائحة كورونا كشفت عن حجم وتراكمات الاختلالات والنواقص البنيوية العميقة التي تعرفها بلادنا على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، والمتمثلة في هشاشة النظام الصحي الوطني، وبروز الحجم الكبير الذي يمثله القطاع غير المهيكل والنسبة المرتفعة لعدد العاملين فيه، إلى جانب تفاقم حدة الفوارق الاجتماعية والمجالية والرقمية في قطاعات استراتيجية وحيوية كالتعليم والصحة، بالإضافة لمحدودية آليات الحماية الاجتماعية وضعف مناعة المقاولات المغربية، لاسيما الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، وعدم قدرتها على تحمل تبعات الجائحة وتداعياتها، وعجز النسيج الإنتاجي عن تلبية احتجاجات السوق الوطنية، وهو ما يتم تداركه بالتدريج.
وعاب الأمين العام، على أن الحكومة أتيحت أمامها فرص ذهبية طيلة فترة الحجر الصحي من أجل استثمارها والتحضير لمرحلة ما بعد الحجر الصحي، فحظيت بارتفاع منسوب الثقة عند المواطنات والمواطنين وإجماع وطني استثنائي، بالإضافة إلى طول مدة الحجر الصحي التي بلغت 80 يوما، وإمكانيات مادية هائلة بفضل الصندوق الذي أحدثه جلالة الملك لمواجهة الجائحة، غير أنها أهدرت كل الفرص المتاحة وأخلفت الموعد، حيث تملكها الغرور والإشباع المؤقت، واستعجلت الفوز بالمعركة ضد كورونا قبل الأوان، وخيِّل إليها أن الأمر حُسِم، فقامت بتجميع المصابين بكورونا من مختلف المناطق بمستشفيين ميدانيين في كل من بنسليمان وبنجرير.
وأعتبر بركة، أن الانتشار السريع للجائحة بعد تخفيف الحجر الصحي، أربك يقينيات الحكومة، فتفاقمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية ببلادنا معلنة، للأسف، فشل المقاربة الحكومية المعتمدة في تدبير أزمة “كورونا”، حيث بدت مؤشرات الفشل واضحة للجميع، وبما فيها مكونات من الأغلبية الحكومية، حيث تتجلى هذه المؤشرات في تضاعف أعداد الإصابات والوفيات، وإفلاس المقاولات تحت وطأة آثار الجائحة، إلى جانب تراجع ملحوظ للاستثمارات، وصعوبات التعافي والإنعاش لقطاعات الأنشطة التصديرية الرئيسية كصناعة السيارات والسياحة والطيران وللقطاعات الموفرة لفرص الشغل كالعقار والتجارة والصناعة التقليدية..
و جدد نزار بركة، التأكيد على أن السياسات العمومية التي تنهجها الحكومة قد بلغت مداها، وها هي اليوم مع الجائحة تعمق المنحنى التراجعي لبلادنا، وتؤدي بنا إلى الطريق المسدود، بل وتكاد تعيد بلدنا إلى المستويات والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية لمرحلة التسعينات من القرن الماضي، معتبرا أن قيادة حزب الاستقلال خاب أملها في إحداث القطائع الضرورية مع تلك السياسات وإجراء الانتقالات اللازمة والتحولات المنتظرة، من أجل تحقيق إنعاش مسؤول للاقتصاد الوطني واستعادة نسق التنمية المستدامة وخدمة المواطنات والمواطنين، من خلال خلق فرص الشغل وحماية قدرتهم الشرائية وضمان العيش الكريم لهم.