هاجمت فرق برلمانية من الأغلبية الحكومة ومن المعارضة، ما أسموه ” عجز” سياسة عزيز أخنوش في تخقيق الأمن الغذائي للمغاربة، وفشل سياسة الفلاحية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، وافراغ خزينة الدولة من العملة الصعبة، جراء ضخ أموال في صفقات شراء القمح من الخارج .
وهاجم رشيد العبدي رئيس فريق حزب “الأصالة والمعاصرة” بمجلس النواب، عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، مشددا على أن الوزير لم يحضر للبرلمان لمدة شهر ونصف ليعطي للنواب المعلومات الكافية حول قطاعه رغم استدعائه المتكرر.
وأشار العبدي في جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية، بمجلس النواب، على أنه بعد مرور 12 سنة من إطلاق “المغرب الأخضر”، الذي خصصت له إمكانيات هائلة تعادل 20 في المائة من الناتج الداخلي الخام، هناك أمور إيجابية حققها، لكن هناك أيضا سلبيات تم لمسها في أول أزمة هي جائحة “كورونا”.
وأكد أن هذه الأزمة وضعت على المحك مخطط “المغرب الأخضر” الذي تم الاشتغال عليه لمدة 12 سنة، وأضاف “اليوم الميزان التجاري للمغرب في قطاع الفلاحة مختل، وما نستورده ضعف ما نصدره، كما أننا لم نحقق الاستقلالية ولازلنا مرتبطين بالمناخ”.
وشدد العبدي على أن الإنتاح الفلاحي المغرب لا يتم تثمينه من أجل الرفع من قيمة الصادرات، ذلك أن المنتجات التي تباع في السوق الوطني إما تباع بأثمنة بخسة جدا ولا تصدر كما حصل مع “الكليمونتين” الذي فسد في الأشجار، علما أننا نستورد “العصير” وهذه مفارقة عجيبة.
واعتبر العبدي أن الملاحظ العادي إذا اضطلع على هذه المعطيات سيدرك بأن هناك عدم تمكن من تدبير هذا القطاع.
ولفت العبدي إلى أنه طوال 12 سنة من “المغرب الأخضر” من استفاد منه هو الفلاح الكبير، وتابع “إذا كنا نردد أننا نحقق اكتفاء ذاتي من اللحوم الحمراء والبيضاء يجب أن لا نضلل الرأي العام، فنعم هذه المواد لا نستوردها، لكن كل الأعلاف يتم استيرادها من الخارج، وهنا يجب أن نتساءل هل ندبر القطاع جيدا؟.
وتساءل العبدي لماذا تتم زراعة “البطيخ الأحمر” الذي استغنت عنه مجموعة من الدول الرائدة في المجال الفلاحي؟، موضحا ” كل دلاحة تستهلك 10 لترات من الماء لتعطي 12 أو 13 كيلوغرام، وتباع في الأسواق لأبعد تقدير بأربعة دراهم، علما أنها استهلكت كميات كبيرة من المياه تصل إلى 100 متر”.
وشدد العبدي على أن الأزمات المقبلة في العالم لن ترتبط بالطاقة بل بالماء، وهناك دول في الشرق الأوسط متبصرة وتشتغل على هذه القضية، أما نحن فجزء من مياهنا يتم استغلالها في السقي، وعلى منتوجات تستهلك كميات كبيرة من الماء، علما أن ما يحتاجه المغاربة بشكل أولوي هو القمح.
وتساءل العبدي أيضا عن لماذا لا تتم إعطاء الأولوية للقمح لأنه منتوج أساسي للمغاربة وليس لبعض المنتوجات التي تستهلك كميات كثيرة من الماء كالطماطم؟.
وأكد العبدي أن مخطط المغرب الأخضر شارف على الانتهاء، ويتم الترويج حاليا لخلق طبقة متوسطة فلاحية في المجال القروي، علما أن أرضيتها غير مجهزة، “فالورق يقول شيء والواقع شيء آخر”، على حد تعبيره.
وأوضح حزب “العدالة والتنمية” إنه في هذه الظريفة العصيبة تطرح قوة مناعة المغرب “خاصة في مواجهة التأثير الخارجي الذي يرهن سياستنا التنموية واستقلالية قرارتنا وسيادة بلدنا”.
وأوضح فريق الحزب في جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية، بمجلس النواب، التي خصصت لمناقشة تداعيات الجفاف وجائحة “كورونا” على القطاع الفلاحي، أن ما يهم في هذه الظرفية هو الأمن الغذائي، وهنا ينبغي التساؤل عن أي حد نجحنا في ضمان الأمن الغذائي للمواطنين المغاربة في ظل الارتهان للتساقطات المطرية واستيراد سلع غذائية أساسية؟.
أشار أن المغرب من أكبر الدول العشر المستوردة للحبوب في العالم، حيث يستورد سنويا ما بين 30 و 50 مليون قنطار، إلى جانب استيراد أكثر من 50 في المائة من حاجتنا من السكر، وهذا ما يؤثر على رصيد البلد من العملة الصعبة، ويجعلنا تحت رحمة الأسعار في السوق الدولية، خاصة أن أسعار الحبوب ستعرف ارتفاعا في ظل هذه الجائحة.
وأكد فريق “البيجيدي” أن هذه الأرقام خير دليل على أن مشكل توفير الغذاء من مواد أساسية، لازال مطروحا رغم الإمكانيات المادية الضخمة المخصصة سنويا لمشروع مخطط “المغرب الأخضر”.
أبرز أن المغرب يتوفر على 8.7 مليون هكتار من المساحات الصالحة للزراعة، مليون ونصف منها مخصصة للأراضي السقوية، لذلك لا بد من تعبئة مليون هكتار من أراضي البور الملائمة لزراعة الحبوب.
ودعا الحزب إلى الاستفادة من تجربة أستراليا التي تعاني من نفس المشاكل المناخية التي يعيشها المغرب، وأصحبت تصدر الحبوب على المستوى العالمي.
ودق الحزب ناقوس الخطر بشأن المياه الاستراتيجية، مشيرا أنه في بعض المناطق وصل جلب المياه إلى 300 متر في عمق الأرض، وأن القطاع الفلاحي يستهلك 80 في المائة من المياه.
وسجل أن المغرب يصنف ضمن المناطق التي تعيش إجهادا مائيا مرتفعا حسب تصنيف الأمم المتحدة، وهذا الإجهاد يرتفع سنة بعد سنة.
ودعا الحزب إلى إعادة النظر في كيفية استغلال الماء، ونوعية المزروعات خاصة التصديرية منها التي تستهلك مياه كثيرة، وإعادة النظر في الاستراتيجية المعتمدة لأنظمة الإنتاج، وتفعيل خريطة فلاحية جديدة أساها احترام الموارد المائية وتوجيه الزراعات حسب حاجيات المغاربة الاستراتيجية مع مراعاة استدامة الموارد الطبيعية.