في سياق الاحتفال بيوم إفريقيا، ألقى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، كلمة مؤثرة في العاصمة الرباط أمس الاثنين، سلط فيها الضوء على دور المغرب المتعاظم في القارة السمراء، مشددا على أن المملكة تواصل ترسيخ موقعها كشريك استراتيجي حقيقي للقارة الإفريقية.
وكشف بوريطة، في كلمته التي ألقاها خلال الاحتفال الذي حمل شعار “الاندماج والتنمية في إفريقيا: تسريع الربط والتعاون البيني الإفريقي”، عن أرقام ومعطيات تعكس حجم الحضور الاقتصادي المغربي في إفريقيا. وأوضح أن المغرب أصبح ثاني أكبر مستثمر في القارة باستثمارات تجاوزت 10 مليارات دولار، مبرزا أن البنوك المغربية تتواجد في 26 بلدا إفريقيا، ما يعزز دورها في دعم التنمية وتمويل المشاريع الاقتصادية والبنى التحتية.
واعتبر بوريطة أن شعار الاحتفال يجسد رؤية الملك محمد السادس التي تضع إفريقيا في صميم أولويات السياسة الخارجية للمغرب، موضحا أن الاندماج الإفريقي لم يعد خيارا نظريا بل أصبح ضرورة تنموية، في ظل محدودية التجارة البينية بين الدول الإفريقية التي لا تتجاوز 15% من إجمالي التجارة الخارجية للقارة، وتنخفض إلى 2% فقط داخل منطقة المغرب العربي، مقارنة بـ67% في أوروبا و58% في آسيا.
وأشار الوزير إلى أن ضعف البنيات التحتية في القارة يحد من إمكانيات التكامل الاقتصادي، لافتا إلى أن العديد من الدول الإفريقية ما تزال تعاني من نقص في شبكات الطرق والربط الطاقي والرقمي، داعيا إلى تسريع وتيرة التعاون البيني وتجاوز العراقيل التي تعرقل التكامل الإفريقي.
وعرض بوريطة مؤهلات إفريقيا قائلا إنها قارة تزخر بثروات طبيعية هائلة، إذ تحتوي على 30% من الثروة المعدنية العالمية، و10% من احتياطات النفط، و8% من احتياطات الغاز الطبيعي، فضلا عن أراضي زراعية خصبة وموارد بشرية شابة يشكل من تقل أعمارهم عن 25 سنة 60% من سكانها.
ولم يقتصر بوريطة في حديثه على الجوانب الاقتصادية، بل أبرز جهود المغرب في ميادين التعليم والتكوين، مشيرا إلى أن المملكة تستقبل 19 ألف طالب من 49 دولة إفريقية، 90% منهم يستفيدون من منح دراسية مغربية. كما أشار إلى دور معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين، الذي يستقطب المئات من الطلبة الأفارقة لنقل خطاب الوسطية والاعتدال بما يسهم في استقرار القارة.
وأكد الوزير أن رؤية الملك محمد السادس تقوم على اعتبار إفريقيا فضاء للتضامن والتنمية المشتركة وليس ساحة للتنافس، مشيرا إلى أن المغرب لا يتعامل مع الدول الإفريقية كمجرد أسواق، بل كشركاء استراتيجيين لتقاسم التنمية. واستشهد بعدة مبادرات أطلقتها المملكة لصالح القارة، منها مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، ودعم الأمن الغذائي والطاقي، وتسليم اللقاحات خلال الجائحة.
وختم بوريطة كلمته بالتأكيد على حاجة إفريقيا إلى “صدمة كهربائية” لتحقيق التكامل المنشود، داعيا إلى تجاوز مرحلة النوايا إلى النتائج العملية، ومشيرا إلى أن المغرب مستعد للعب دور محفز لهذا المسار، ليس لقيادة القارة، بل لتوحيد صفوفها واقتراح مسارات عمل طموحة وواقعية.