كشفت منظمة الشفافية الدولية عن نتائج مؤشر إدراك الفساد لعام 2024، حيث حصل المغرب على 37 نقطة من أصل 100، متراجعًا عن العام الماضي الذي سجل فيه 38 نقطة. كما انخفض ترتيبه العالمي من 97 إلى 99 من بين 180 دولة، مما يعكس استمرار التدهور في جهود مكافحة الفساد في البلاد.
تراجع مستمر منذ 2012
هذا التراجع ليس مجرد انخفاض سنوي طفيف، بل يأتي في إطار اتجاه عام نحو التقاعس منذ سنة 2012. ففي 2018، كان المغرب قد سجل 43 نقطة، وهو أفضل مستوى حققه في السنوات الأخيرة، إلا أن المنحى ظل هابطًا حتى وصل اليوم إلى 37 نقطة. أما على مستوى الترتيب، فقد كان المغرب في المرتبة 88 قبل أن يتراجع إلى 99 عالميًا.
هذا الوضع يعكس غياب إرادة سياسية حقيقية لمحاربة الفساد، رغم جهود المجتمع المدني وبعض المؤسسات المستقلة. وتشير المعطيات إلى أن الفساد أصبح ظاهرة معمّمة، مما يضعف الثقة في المؤسسات ويعطل التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
مشروع قانون يُثير الجدل
يأتي هذا التراجع في وقت تعتزم فيه الحكومة المغربية تمرير مشروع قانون جديد لمراجعة المسطرة الجنائية، وهو ما أثار مخاوف واسعة بشأن تعزيز الإفلات من العقاب. ينص هذا المشروع على تقليص صلاحيات المواطنين والهيئات الجمعوية في الترافع ضد المشتبه فيهم بالفساد، وهو ما يُخالف الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية لمحاربة الفساد التي وقع عليها المغرب.
كما أن هذا القانون يمنح السلطة القضائية قيودًا إضافية، حيث يمنع وكيل الملك من مباشرة أي بحث دون إذن مسبق من رئيس النيابة العامة، حتى لو كان الأمر يتعلق بتقرير صادر عن هيئة دستورية أو تفتيش إداري. وهو ما يعني عمليًا إضعاف دور القضاء في محاربة الفساد وتقويض آليات المحاسبة.
الحكومة في مواجهة انتقادات واسعة
أمام هذا الوضع، تتزايد الانتقادات للحكومة الحالية، حيث يرى العديد من الفاعلين في المجتمع المدني أن هناك توجهاً واضحًا نحو الحدّ من آليات المحاسبة وتعزيز ثقافة الإفلات من العقاب. ويعتبرون أن الحكومة لا تحترم تطلعات المواطنين الذين منحوا ثقتهم لها في الانتخابات، خاصة في ما يتعلق بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية.
يؤكد مؤشر إدراك الفساد لعام 2024 أن المغرب لا يزال يعاني من تراجع واضح في مستوى الشفافية والمحاسبة. وبينما تتطلب محاربة الفساد إرادة سياسية حقيقية وإصلاحات جذرية، فإن السياسات الحكومية الأخيرة تتجه في الاتجاه المعاكس، مما يزيد من تعقيد الوضع ويضعف ثقة المواطنين في المؤسسات.