تشير نتائج التعداد العام للسكان في تونس لسنة 2024 إلى تحوّل ديمغرافي مقلق، كشف عن تباطؤ كبير في النمو السكاني خلال العقد الماضي، إذ لم تتجاوز الزيادة السكانية في عشر سنوات حاجز المليون نسمة، ليستقر عدد السكان عند 11.972.169 نسمة. وبات هذا المعطى الرقمي يعكس صورة “دولة عجوز”، وفق توصيف متداول بين مراقبين وخبراء ديموغرافيين.
تراجع الخصوبة وتسارع الشيخوخة
أبرز ما كشفه الإحصاء هو تراجع المؤشر التأليفي للخصوبة إلى 1.7 طفل لكل امرأة سنة 2022، وهو معدل أقل من الحد الأدنى الضروري لتجدد الأجيال المحدد في 2.1. هذا الانخفاض الحاد، الذي يُعزى إلى عقود من سياسة الدولة في تشجيع تحديد النسل، يهدد بعواقب سوسيو-اقتصادية بعيدة المدى.
بالموازاة، سجل مؤشر الإعالة الديمغرافية لكبار السن ارتفاعا من 11% في ستينيات القرن الماضي إلى 28% حاليا، في حين صعد مؤشر الشيخوخة من 12% إلى 74%، مما يعكس تغيراً جذرياً في بنية الهرم السكاني، باتت فيها القاعدة الشبابية أضيق وأعلى القمة أكثر اتساعاً.
اختلال جهوي وهجرة داخلية
بيّن التعداد فروقات كبيرة بين الولايات في النمو الديمغرافي، حيث شهدت ولايات مثل أريانة ارتفاعا بـ 92 ألف ساكن، في حين عرفت ولايات الشمال الغربي كـ الكاف وسليانة تراجعا بعدد السكان يُناهز 6 آلاف نسمة، نتيجة الهجرة الداخلية نحو المدن الكبرى بفعل التهميش وغياب فرص التنمية.
تعليم وأمية في تناقض مستمر
رغم التحسن النسبي في نسب التمدرس، فإن نسبة الأمية بقيت مرتفعة، وبلغت 17.3%، مع غياب احتساب المنقطعين عن الدراسة، ما يُفاقم من هشاشة الموارد البشرية. أما نسبة الحاصلين على تعليم عالٍ فقد بلغت 18% لدى النساء و16% لدى الرجال.
نحو إعادة رسم السياسة الديمغرافية
كل المؤشرات تشير إلى أن تونس دخلت فعلياً مرحلة التهرم السكاني، وهو ما سيُفضي إلى تحديات تمس سوق الشغل، والحماية الاجتماعية، والتعليم، والخدمات الصحية. واعتبر الخبراء أن إعادة النظر في سياسات تحديد النسل، واعتماد استراتيجية تشجيع الخصوبة والشباب باتت من الأولويات الاستراتيجية، لضمان التوازن الديمغرافي مستقبلاً.