خرج عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، بتصريحات نارية اتهم فيها القناة الأولى العمومية بخرق قوانين الإعلام السمعي البصري، بعد استضافتها لعبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ضمن حلقة يوم الثلاثاء 27 ماي 2025 من برنامج “نقطة إلى السطر”.
وقال بوانو، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، إن هذه الاستضافة تمثل انحيازاً صارخاً لفريق سياسي على حساب آخر، و”توظيفاً لوسيلة إعلام عمومية للرد على حزب العدالة والتنمية”، واصفاً خرجة شهيد بـ”المليئة بالإساءة، والافتراء، والكذب، والهرطقة”، حسب تعبيره.
وأشار بوانو إلى أن الحزب يرى في هذا السلوك إخلالاً صريحاً بالحياد المفترض في الإعلام العمومي، وتهديداً لدوره التعددي. وأضاف أنه في حال تأكدت هذه المزاعم، فإن العدالة والتنمية سيطالب القناة الأولى بتمكينه من حق الرد طبقاً للقوانين الجاري بها العمل، بل قد يلجأ إلى “المساطر القانونية” لضمان هذا الحق.
وفي معرض حديثه، انتقد بوانو بشدة استخدام عبد الرحيم شهيد لما اعتبرها “عبارات قدحية ومشحونة”، من قبيل وصفه لنواب الحزب بـ”الذئاب” واتهامهم بـ”السعار”، معتبراً أن السياسة تبقى مجالاً نبيلاً، يتطلب من الفاعلين السياسيين أن يكونوا قدوة في الخطاب والممارسة، بعيداً عن التشنج والتحامل ما أشعل فتيل التوتر أكثر، هو الجدل الكبير الذي رافق النقاش حول ملتمس الرقابة، الذي كانت المعارضة تعتزم التقدم به لإسقاط الحكومة. وفي هذا السياق، كشف بوانو عن تفاصيل لقاء جمعه يوم 4 ماي الجاري بعبد الرحيم شهيد، رفقة رئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية، تم خلاله التوافق على المضي في تقديم الملتمس وعدم التراجع عنه تحت أي مبرر.
وأكد أن الأطراف المعنية اطلعت على مسودة المذكرة التي أعدها الفريق الاشتراكي، وأبدت بشأنها ملاحظات تم الاتفاق على تضمينها في صيغة جديدة، كما جرى الاتفاق على عقد ندوة صحافية مشتركة، شرعت الأطقم التنظيمية للأحزاب في التحضير لها، وتم الاتفاق كذلك على أن يتم توقيع الملتمس بتوقيعات حية غير أن تصريحات عبد الرحيم شهيد خلال برنامج “نقطة إلى السطر” نسفت هذا التوافق، بحسب بوانو، الذي قال إن مداخلة رئيس الفريق الاشتراكي كانت مشحونة بـ”حقد غير مبرر تجاه العدالة والتنمية”، مشيراً إلى أنه تم ذكر اسم الحزب وقياداته 37 مرة خلال البرنامج، أي بمعدل مرة في كل دقيقة تقريباً، وهو ما رآه دليلاً على استهداف مباشر لا يليق بخطاب رجل دولة و هذا التصعيد الإعلامي والسياسي يكشف هشاشة الاصطفاف داخل المعارضة البرلمانية، التي كان يُنتظر منها توحيد صفوفها للتأثير في مسار السياسات الحكومية، خصوصاً في ظل نقاشات حادة حول مشاريع قوانين كبرى وإصلاحات اجتماعية واقتصادية مرتقبة. غير أن هذا التراشق يكرّس واقعاً مأزوماً، تطغى فيه الحسابات الحزبية الضيقة على أجندة التنسيق المشترك.
ويرى مراقبون أن ملتمس الرقابة، بدل أن يكون أداة ديمقراطية لتقويم عمل الحكومة، تحوّل إلى ساحة اختبار لتحالفات هشة ومصالح متضاربة بين مكونات المعارضة. فبينما يسعى حزب العدالة والتنمية إلى استعادة زخمه السياسي بعد تجربة حكومية مثيرة للجدل، يتّجه الاتحاد الاشتراكي إلى تثبيت نفسه كقوة معارضة “مؤسساتية” تسعى إلى التوازن، لا إلى القطيعة.
في خضم هذا المشهد المربك، يبدو أن الإعلام العمومي تحوّل إلى ساحة معركة جديدة، مما يضع على عاتق الهيئات المنظمة للقطاع السمعي البصري مسؤولية كبرى في ضمان التعددية والإنصاف، وتحصين الفضاء الإعلامي من التحوّل إلى أداة في صراعات حزبية آخذة في التصاعد يبقى السؤال مفتوحاً: هل يستطيع البرلمان إعادة ترميم الثقة بين مكوناته المعارضة، أم أن ملتمس الرقابة سيكون النقطة التي فاض معها كأس التنسيق المشترك؟