دعا جلالة الملك محمد السادس، إلى التفاعل الجدي مع خلاصات تقرير النموذج التنموي الجديد، وجعلها في خدمة تنمية بلادنا ورفاهية مواطنيها، كما أمر جلالة الملك بنشر تقرير اللجنة الخاصة للنموذج التنموي، ووجه اللجنة لإجراء عملية واسعة لتقديم أعمالها، وشرح خلاصاتها وتوصياتها للمواطنين ومختلف الفاعلين، بكل جهات المملكة.
وأوضح بلاغ للديوان الملكي، أن” الحكومة ومختلف الفاعلين والمؤسسات، مدعوون، كل في مجال اختصاصه، للمشاركة والمساهمة الفعالة في تنفيذ التوصيات الوجيهة الواردة في هذا التقرير، من أجل خدمة هذا الطموح والأفق التنموي الجديد، والارتقاء به لمستوى تطلعات جلالة الملك والشعب المغربي، كما أن الاقتراح المبتكر للجنة، والذي يهدف إلى ترجمة المحاور الاستراتيجية للنموذج الجديد في “ميثاق وطني من أجل التنمية”، يستحق اعتماده وتفعيله بروح بناءة وتوافقية، وبحس عال من المسؤولية والمصلحة العامة، كإطار مرجعي مشترك لجميع القوى الحية بكل أطيافها.
وجاءت الدعوة الملكية للأحزاب ومختلف الفاعلين، على إثر ترؤس جلالة الملك محمد السادس بالقصر الملكي بفاس، أول أمس الثلاثاء، مراسيم تقديم التقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، حيث استقبل جلالته، شكيب بنموسى، رئيس اللجنة، الذي قدم لجلالته نسخة من هذا التقرير.
وأوضح بلاغ الديوان الملكي، أن” تجديد النموذج التنموي يشكل مرحلة جديدة في توطيد المشروع المجتمعي، الذي يقوده جلالة الملك؛ ويشمل أيضا تعزيز الارتباط بقيم المواطنة الإيجابية والفاعلة، وتقوية الشعور بالانتماء إلى الأمة، وتأكيد الشخصية التاريخية والثقافية المغربية، الغنية بتاريخها العريق، والمتميزة بالانفتاح، وبتعدد مكوناتها، موضحا أنه ” طبقا للمهمة الموكولة إليها، فقد اعتمدت اللجنة مقاربة متعددة الأبعاد، وقامت بتأطير جيد لأعمالها. وقد تمكنت على الخصوص، من استكشاف وتدارس التحديات والتغييرات الجديدة التي نتجت عن جائحة Covid-19، في العديد من المجالات الاستراتيجية، مثل الصحة والفلاحة والأمن الغذائي والطاقة والتنمية الصناعية والسياحية.
و أشاد جلالة الملك، باحترام اللجنة الكامل للنهج التشاركي، الذي كان جلالته قد دعا لاعتماده في هذا الشأن، وشكر بهذه المناسبة، جميع المساهمين في هذا العمل الوطني، من أحزاب سياسية، وهيآت اقتصادية واجتماعية، ومنظمات غير حكومية، ومراكز للتفكير، وكذا جميع المواطنين الذين شاركوا، عبر التراب الوطني، في جلسات الاستماع التي نظمتها اللجنة.
النموذج التنموي و مسؤولية الأحزاب السياسية
و ثمن أمناء عامون ورؤساء أحزاب سياسية عاليا خلاصات التقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي ، والذي ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس الثلاثاء بالقصر الملكي بفاس، مراسيم تقديمه.
وأشاد المسؤولون الحزبيون ، في تصريحات للصحافة، عقب استقبال جلالة الملك لشكيب بنموسى، رئيس هذه اللجنة، الذي قدم لجلالته نسخة من هذا التقرير، بخلاصات هذا العمل الذي تضمن جملة من التصورات والاقتراحات والتوصيات التي تهم المجالات ذات الأولوية بشأن تجديد النموذج التنموي الوطني.
اعتبر الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، السيد عبد اللطيف وهبي، أن التقرير الذي قدمه رئيس لجنة النموذج التنموي الجديد يحمل مجموعة من الخطوط والتصورات والأفكار التي أبانت على مدى قدرة هذه اللجنة على التفاعل مع الحس الاجتماعي والاقتصادي، وكذا الاستماع لجميع الأطراف السياسية، وأشار إلى أن اللجنة نجحت ، بكثير من الذكاء الجماعي، في تقديم تقرير يخطط لمغرب المستقبل الذي “نتمنى أن يكون في المستوى الذي يتطلع إليه جلالة الملك من أجل تحقيق كل الطموحات والأهداف المسطرة”.
و أكد الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، أن تقديم خلاصات التقرير حول النموذج التنموي الجديد “شكل فرصة للتأكيد على ضرورة القيام بقطيعة وإصلاحات هيكلية من أجل استرجاع ثقة المواطنات والمواطنين، وتجاوز إشكالية الارتقاء الاجتماعي، والفوارق الاجتماعية”، وأشار إلى أنه من خلال هذا النموذج يظهر جليا بأن هناك إرادة قوية للقيام بتغيير حقيقي والوصول إلى توافق وطني بين القوى الحية في المغرب، ووضع آلية للتتبع ، مما سيعطي ثقة حقيقية للشباب والنساء بخصوص مستقبل وطنهم.
أما الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، امحند العنصر، فأكد أن خلاصات التقرير تعطي آفاقا واعدة بالنسبة للنموذج التنموي الجديد، على اعتبار المرتكزات التي جاء بها التقرير والتي تقوم على دولة قوبة ومجالات ترابية مستدامة و الرقمنة والتكوين ذي جودة والعنصر البشري. واعتبر السيد العنصر أن هذه المرتكزات ستحفز المغاربة وخاصة فئة الشباب والتي ستوليه مكانة متميزة ، كما ستحد من الفوارق الاجتماعية والترابية.
بدوره أكد ادريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن “هذا التقربر العام سيكون موضوع مداولات ومناقشات أعضاء الحزب والمواطنين” داعيا إلى فتح حوار وطني بشأن خلاصاته . وشدد السيد لشكر، في هذا السياق، على أن حزبه سيتفاعل إيجابا مع النموذج التنموي الجديد، معتبرا أن هذا النموذج سيشكل رافعة لمغرب 2035.
و اعتبر الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، محمد ساجد، أن النموذج التنموي الجديد يشكل “ثمرة عمل جبار قامت به اللجنة المكلفة بمساهمة كافة الفعاليات الوطنية مع الأخذ بعين الاعتبار انتظارات المجتمع المغربي بكافة مكوناته”، مبرزا أن النموذج التنموي الجديد يعد بمثابة “خطة عمل للسنوات المقبلة من أجل رفع التحديات التي تواجه المملكة التي قطعت أشواطا مهمة في مجال التنمية”، وعبر ساجد عن قناعته بأن الخطوط العريضة لهذا النموذج التنموي الجديد تؤكد أن المغرب يزخر بمؤهلات كبرى للنمو والازدهار والرقي بساكنة المملكة بكاملها.
من جانبه أكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، أن التقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي يتضمن محاور أساسية تنموية ترتبط بالأهداف الاقتصادية الجديدة، وبالقوة الاجتماعية الضرورية من أجل التماسك الاجتماعي، وبالانفتاح على طاقات وفضاءات جديدة. وأضاف أن هذا التقرير يفتح المسار لتعبئة الموارد البشرية المغربية، باعتبارها جوهرا لهذا النموذج التنموي، سواء تعلق الأمر بتعليمها أو صحتها أو بتأطيرها على جميع المستويات، و”بالطبع بتعبئتها ديمقراطيا”.
و أبرزت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، أن تقرير النموذج التنموي الجديد يعتبر مشروعا هاما يجب أن يشكل موضوع نقاش وحوار ديمقراطي واسع في المملكة، ولاسيما في ظل تزامنه مع ما يشهده العالم اليوم من تحولات وظرفية اقتصادية صعبة وتغيرات مناخية واختلالات مجتمعية.
وشددت على ضرورة الاستفادة من الآفاق التي يفتحها النموذج التنموي الجديد من أجل وضع أسس إصلاحات عميقة تكفل وضع المغرب على السكة الصحيحة من خلال تعزيز الخيار الديمقراطي وتنزيل الجهوية ، وكذا إرساء سياسات عمومية تخدم كافة المواطنين والمواطنات من خلال تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، و”بناء مغرب ديمقراطي تصان فيه كرامة كافة المواطنات والمواطنين”.
من جانبه، قال عبد الصمد عرشان، الأمين العام لحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، إن على الأحزاب السياسية، “ونحن على بعد بضعة أشهر من الاستحقاقات الانتخابية أن تستلهم خلاصات هذا التقرير وتفعيل مضامينه ولاسيما ما يتعلق بالشق الاجتماعي”، مبرزا أن حزبه يعتقد أن هذا التقرير، الذي شاركت الاحزاب السياسية فيه ببعض الاقتراحات والرؤى التي قدمتها للجنة ، ” يشكل خارطة طريق يجب أن نتكيف معها في برامجنا لكي نتمكن من بسطها على أرض الواقع لصالح المواطن المغربي”.
وأكد عرشان في هذا الصدد ” نحن في حاجة اليوم إلى تحسين الأوضاع الإجتماعية للمواطنين وأن يحقق المغرب قفزة نوعية بخصوص المشاكل الاجتماعية التي يعيشها”.
أما الأمين العام لحزب الوحدة والديمقراطية، أحمد فطري، فثمن من جانبه الخلاصات التي جاء بها التقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، مشيرا إلى أن حزبه كان قد قدم مذكرة هامة للجنة المختصة تم التركيز فيها على ضرورة تقليص الفوارق الطبقية، والاهتمام بانشغالات الإنسان المغربي فيما يتعلق بمجالات التعليم والصحة والشغل لبناء مستقبل زاهر للبلاد.
ومن جهته، أكد الأمين العام لحزب الخضر المغربي، محمد فارس، أن حزبه يعتبر أن النموذج التنموي الجديد “سيضع المغرب في مستوى الدول المتقدمة، وسيكون له نتائج هامة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والثقافية والتنمية المستدامة”.
و أكد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني أن تقرير النموذج التنموي الجديد يوفر رؤية مستقلبية لمغرب 2035. وأوضح العثماني، في تصريح للصحافة، في اعقاب ترؤس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس الثلاثاء بالقصر الملكي بفاس، مراسيم تقديم التقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، أن الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والمدنيين “يتوفرون الآن على الأسس والأدوات التي سيعتمدونها للوصول إلى أهداف مغرب الكفاءات والتنمية، والعدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة”. وأضاف السيد العثماني أن الأمر يتعلق ب”لحظة تاريخية لأن المغاربة انتظرو النموذج التنموي الجديد لمدة طويلة”. ويشكل تجديد النموذج التنموي مرحلة جديدة في توطيد المشروع المجتمعي، الذي يقوده جلالة الملك؛ ويشمل أيضا تعزيز الارتباط بقيم المواطنة الإيجابية والفاعلة، وتقوية الشعور بالانتماء إلى الأمة، وتأكيد الشخصية التاريخية والثقافية المغربية، الغنية بتاريخها العريق، والمتميزة بالانفتاح، وبتعدد مكوناتها.
وطبقا للمهمة الموكولة إليها، فقد اعتمدت اللجنة مقاربة متعددة الأبعاد، وقامت بتأطير جيد لأعمالها. وقد تمكنت على الخصوص، من استكشاف وتدارس التحديات والتغييرات الجديدة التي نتجت عن جائحة Covid-19، في العديد من المجالات الاستراتيجية، مثل الصحة والفلاحة والأمن الغذائي والطاقة والتنمية الصناعية والسياحية.
النموذج رؤية استشرافية لمغرب الغد
من جهته أكد رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي شكيب بنموسى،، أن النموذج التنموي الذي اقترحته اللجنة يطمح لأن يكون رؤية استشرافية لمغرب الغد، وأوضح بنموسى، في كلمة ألقاها بين يدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة تقديم التقرير العام الذي أعدته اللجنة، أن هذه الرؤية المقترحة تستند على الروابط المتينة والمتجذرة بين الملك والشعب والتي شكلت عبر التاريخ الأساس لأي تحول هام في المسار التنموي للبلاد.
رؤية استشرافية ترتكز على التاريخ العريق للمملكة وعلى الهوية الوطنية الغنية بتعددية روافدها
و اعتبر بنموسى أن التقرير العام الذي أع د ته اللجنة ن تاج أفكار وتصورات واقتراحات تمت صياغتها وبلورتها من طرف المغاربة مع المغاربة ومن أجل المغاربة، كما دعا إلى ذلك جلالة الملك.
وبناء على مقاربة للذكاء الجماعي، يضيف السيد بنموسى، اقترحت اللجنة رؤية استشرافية لمغرب الغد، ترتكز على التاريخ العريق للمملكة وعلى الهوية الوطنية الغنية بتعددية روافدها وعلى القيم الدينية المبنية على مبادئ الانفتاح والاعتدال والحوار. وأكد السيد بنموسى أن المكتسبات التي حققتها المملكة في عدة ميادين تشكل محل إجماع المواطنات والمواطنين وكذا كافة القوى الحية للبلاد التي استمعت إليها اللجنة. وهو ما من شأنه أن يشكل دعامة أساسية لبناء المستقبل.
وشدد على أن جلسات الإنصات المواطنة والمؤسساتية أبانت عن ضرورة بذل جهود إضافية، وأبرزت بعض الانشغالات فيما يتعلق بتعثر سبل الارتقاء في السلم الاجتماعي والشرخ الاجتماعي المترتب عنه. كما تم التعبير خلال هذه الجلسات أيضا بشكل جلي، يضيف السيد بنموسى، عن أزمة الثقة إزاء بعض المؤسسات، مؤكدا أنه “إذا كانت هذه الانشغالات لا ت ؤثر على الإحساس العميق بالانتماء للوطن إلا أنها ت غذي العزوف عن الشأن العام والشعور بعدم الرضا جراء الهوة ما بين الوعود المقدمة وترجمتها على أرض الواقع “.
وأشار إلى أن اللجنة رصدت أربع معيقات تشكل السبب وراء ضعف مردودية النموذج الحالي، تتعلق أساسا بغياب الانسجام بين الرؤية الاستراتيجية والسياسات العمومية، وببطء التحول الهيكلي للاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى القدرات المحدودة للقطاع العام فيما يخص تفعيل السياسات العمومية، والإكراهات التي تحد من المبادرة.
ترسيخ قيم المواطنة والتشبث بثوابت الأمة
من بين الخيارات الاستراتيجية التي أوصت بها اللجنة، حسب السيد بنموسى، تنمية الرأسمال البشري وتفعيل آليات الارتقاء الاجتماعي، عبر تعزيز القدرات بواسطة نظام صحي ناجع وفعال بإمكانه إنتاج الأدوية واللقاحات الأساسية، من أجل استباق تدبير المخاطر الناجمة عن الأزمات الصحية المتكررة في المستقبل؛ وأيضا من خلال منظومة للتعليم والتكوين تهيأ الكفاءات لمغرب الغد، في إطار نهضة تربوية تضع التلميذ في صلب أولوياتها وتضمن التعبئة الشاملة لهيئة التدريس داخل مؤسسات تعليمية مسؤولة. كما ينبغي أيضا للمدرسة أن تضطلع بدورها فيما يخص ترسيخ قيم المواطنة والتشبث بثوابت الأمة.
ومن أجل تقوية الرابط الاجتماعي، تؤكد اللجنة على أهمية تعزيز إدماج كافة المواطنين، خاصة النساء والشباب، من خلال التمكين والمشاركة الموسعة، بالإضافة إلى إرساء نظام حماية اجتماعية أكثر فعالية، وذلك وفق التوجيهات الملكية السامية . كما تؤكد اللجنة، في هذا السياق، على أهمية تعبئة التنوع الثقافي كرافعة للانفتاح والحوار والتماسك الاجتماعي.
وتحث اللجنة أيضا، يضيف السيد بنموسى، على تكريس الدور المحوري للمجالات الترابية كنواة لترسيخ دينامية تنموية مستدامة وكذا تحسين إطار عيش الساكنة من خلال عرض سكني يستجيب لمعايير الجودة ويوفر خدمات للقرب سهلة الولوج.
وبموازاة مع هذه الخيارات الإستراتيجية، أكد أن اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، تقترح خمسة رهانات للمستقبل بإمكانها أن تجعل المغرب مركزا إقليميا في ميدان التعليم العالي والبحث والابتكار؛ وبلدا رقميا؛ ورائدا في مجال الطاقة التنافسية والخضراء؛ وقطبا ماليا على الصعيد القاري بالإضافة إلى إرساء علامة «صنع في المغرب» كوسيلة لتثمين إمكانات ومؤهلات المملكة وللاندماج أكثر في سلاسل القيمة العالمية.
ميثاق وطني وآلية للتتبع والتحفيز من أجل إنجاح النموذج التنموي
قصد إطلاق دينامية التغيير، أكد بنموسى أن اللجنة تقترح تعبئة رافعتين أساسيتين، أولاهما تحديث الجهاز الإداري من حيث الكفاءات ومنهجية العمل، بالموازاة مع الإصلاحات القطاعية الضروري. فيما تتجلى الرافعة الثانية في الاعتماد على الرقميات بشكل مكثف بالنظر إلى آثارها من حيث الرفع من جودة الخدمات العمومية وتحسين الشفافية ودورها الفعال في محاربة الرشوة وترسيخ الثقة بين الدولة والمواطن.
وشدد بنموسى على أن تفعيل النموذج التنموي الجديد يتطلب قيادة حازمة من أجل ضمان التعبئة الشاملة وقدرات عالية من حيث التنفيذ والتتبع.
وأوضح بنموسى أن اللجنة ترفع إلى النظر السامي لجلالة الملك مقترح آليتين، تتمثل الأولى في ميثاق وطني من أجل التنمية، يهدف إلى تكريس النموذج التنموي الجديد كمرجعية مشتركة لكافة القوى الحية بكل تعدديتها.
أما المقترح الثاني فيتعلق بآلية للتتبع والتحفيز، تحت الإشراف السامي لجلالة الملك، مهمتها مواكبة الأوراش الاستراتيجية التي تندرج في الأفق الزمني الطويل وكذا دعم مسار التغيير.
وبإمكان هذه الآلية، حسب السيد بنموسى، أن تساهم في ترسيخ روح المسؤولية وتعزيز نجاعة الفعل العمومي، خدمة لمصلحة كافة المغاربة، نساء ورجالا. وتندرج هذه الآلية في إطار توازن السلط الذي ينص عليه دستور المملكة وبالنظر إلى الدور المركزي للمؤسسة الملكية كعماد الدولة والحاملة للرؤية التنموية وللأوراش الاستراتيجية ذات البعد الزمني الطويل والحريصة على تنفيذها بما يضمن مصلحة المواطنين.
وسجل أن تقرير اللجنة أبرز أن المغرب، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، واعتبارا للإمكانات المهمة التي يزخر بها، قادر على تعبئة كافة ساكنته وقواه الحية بغية توطيد أسس مجتمع منفتح، عادل ومنصف، يعزز قدرات كافة أفراده ويؤمن الفرص للجميع، خدمة لتنمية البلاد وإسهاما منه في بناء عالم أفضل.
طموح وتوجه تنظيمي وخيارات استراتيجية
سجل بنموسى أن من بين أهداف التنمية، مضاعفة الناتج الداخلي الخام حسب الفرد في أفق 2035 ، والرفع من قدرة الاقتصاد الوطني على خلق مناصب شغل لائقة، والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية، بالإضافة إلى ضمان جودة التعليم الأساسي وتعميم التغطية الاجتماعية، تماشيا مع أهداف الورش الهيكلي الذي أعطى صاحب الجلالة انطلاقته بداية شهر رمضان المبارك.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف المنشود، يضيف بنموسى، تقترح اللجنة تبني توجه تنظيمي من شأنه توطيد العمل المشترك وتوثيق التزامات الفاعلين. ويرتكز هذا التوجه على التكامل ما بين دولة قوية ومجتمع قوي؛ دولة ذات قدرات استراتيجية تتسم بنجاعة سياساتها وتكفل أمن وكرامة وحريات المغاربة وتحميهم من الهشاشة والأزمات؛ ومجتمع تعددي، معبأ، متحرر ومسؤول يعزز قدرات الأفراد والمجموعات المكونة له ويلتزم بالدفاع عن المصلحة العامة ويكرس جهوده من أجل ترسيخ قيم المواطنة.
وسيساعد هذا التوجه، حسب السيد بنموسى، على خلق توازن بناء بين السياسات التي تنهجها الدولة على المدى البعيد والدينامية الجهوية والمحلية التي تتيح هامشا أكبر للمبادرة والتجريب والابتكار. ويرتكز هذا التوجه، بالإضافة الى انسجامه مع مقتضيات الدستور ومع الرؤية الملكية السامية، على مجموعة من المبادئ العملية، وله انعكاسات فيما يخص دور والتزام الفاعلين سواء بالقطاع العام أو الخاص أو بالقطاع الثالث داخل مسار التنمية، وفق إطار يدعم الثقة ويحرر الطاقات ويكرس المسؤوليات.
ولفت السيد بنموسى، في هذا الصدد، إلى أن اللجنة توصي باعتماد مجموعة من الخيارات الاستراتيجية، تتجلى في إرساء دعائم اقتصاد قوي وتنافسي، قادر على خلق مزيد من الثروة لفائدة الجميع، من خلال تحرير المبادرة المقاولاتية وتسريع وتيرة تنويع النظام الإنتاجي.
الرفع من قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود في عالم ما بعد الجائحة
أكد بنموسى أنه، وأخذا بعين الاعتبار التحولات المستقبلية لعالم ما بعد جائحة كورونا، يتحتم الرفع من قدرات الاقتصاد الوطني من حيث الصمود في وجه الأزمات وتحويل مخاطرها إلى فرص سانحة.
واعتبر في هذا السياق أنه يتحتم، في بعض القطاعات الاقتصادية الوازنة كالفلاحة، إيلاء أهمية خاصة للرهانات المتعلقة بالسيادة الغدائية والاستدامة، وكذا في قطاع كالسياحة الذي يستدعي استباق التحولات التي سيعرفها الطلب الداخلي والعالمي، والتكيف معها.
وأبرز بنموسى أن اللجنة أوصت بالنهوض بمنظومة صحية فعالة، وبتعليم وتكوين قادرين على توفير الكفاءات الضرورية لمغرب الغد، وإرساء حماية اجتماعية أكثر نجاعة.
اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي بنية لاستشراف المستقبل بهدوء وطمأنينة
تعتبر اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي بنية ذات طبيعة استشارية، مهمتها وضع الخطوط العريضة لنموذج تنموي جديد من شأنه تمكين المغرب والمغاربة من استشراف المستقبل بهدوء وطمأنينة. وتضم هذه اللجنة، التي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في دجنبر 2019 على تنصيب أعضائها، 35 عضوا بالإضافة الى رئيسها، وتروم القيام بكل صراحة وجرأة وموضوعية بحصر إنجازات المملكة، والإصلاحات التي تم إطلاقها بها، مع مراعاة تطلعات المواطنين والسياق الدولي وآفاق التنمية.
ويتعلق الأمر أيضا بتحديد معالم نموذج تنموي جديد يضمن للمواطنين حقوقهم الأساسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، فضلا عن حقوقهم المدنية والسياسية.
وتتمثل خصوصية هذه اللجنة، التي ترأسها السيد شكيب بنموسى، في ضمان مهمة ثلاثية الأبعاد، هي التقويم والاستباق والتبصر، تكون قادرة على السماح للمملكة باستشراف المستقبل بهدوء وطمأنينة، وذلك بالاستناد إلى المكتسبات المختلفة التي حققها الاقتصاد الوطني على مدار العشرين عاما الماضية، ومع الأخذ بعين الاعتبار للتوجهات الرئيسية للإصلاحات الجاري تنفيذها في عدد من القطاعات، لا سيما التعليم والصحة والفلاحة والاستثمار علاوة على النظام الضريبي.
ولهذه الغاية، تم تنظيم جلسات استماع للتشاور وتجميع مساهمات الأحزاب السياسية والفاعلين الاقتصاديين والنقابات ومختلف مكونات المجتمع المدني والإدارة العمومية والجامعات والمنظمات الدولية المتخصصة.
وأجرى أعضاء اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي حوالي ثلاثين زيارة ميدانية، وعقدوا لقاءات مع 70 من المسؤولين حضوريا أو عن بعد بتقنية الفيديو، كما نشطوا 113 ورشة عمل ودرسوا 6600 مساهمة مكتوبة من منظمات مختلفة، بالإضافة إلى إنشاء قاعدة طموحة لتجميع تطلعات المواطنين وانشغالاتهم الأساسية في مجال التنمية بالإضافة إلى مقترحاتهم على جميع المستويات من أجل مغرب أفضل.
وأولت اللجنة اهتماما خاصا للجهات ولخلق القيمة المضافة على المستوى الترابي. ومن هذا المنطلق عقدت دورة للاجتماعات الجهوية مع ممثلين لجهات المملكة ال 12، لحصر وتحديد الرافعات الأساسية اللازمة لخلق أقطاب نمو جهوية وآليات – مؤسساتية واقتصادية ومالية – لتنشيطها.
وحرصت اللجنة الخاصة للنموذج التنموي منذ بداية عملها، أيضا على إنشاء منصة على الإنترنت (csmd.ma) لجمع مقترحات المغاربة، من داخل البلاد وخارجها الذين يرغبون في التقدم بتصوراتهم لمغرب الغد.
وفي المجموع، تفاعل أعضاء اللجنة بشكل مباشر مع 9719 شخصا، كما شمل تفاعلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما يقارب ال 20.3 مليون شخص.
وترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم أمس الثلاثاء بالقصر الملكي بفاس، مراسيم تقديم التقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، واستقبل بهذه المناسبة، السيد شكيب بنموسى، رئيس هذه اللجنة، الذي قدم لجلالته نسخة من هذا التقرير.
النموذج التنموي الجديد يضع المواطنين في صلب أولوياته
من جهته رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، أن النموذج التنموي الجديد يضع المواطنين في صلب أولوياته، مؤكدا أنه يأتي في الوقت المناسب.
وأبرز لعلج، في تصريح للصحافة عقب ترؤس صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالقصر الملكي بفاس، مراسم تقديم التقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، أن هذا النموذج يدمج التحولات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد-19، مشيرا إلى أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب يواصل تعبئته لفائدة اقتصاد قوي ومرن ودامج. وتميزت هذه المراسم بتقديم السيد شكيب بنموسى رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي نسخة من التقرير العام الذي أعدته اللجنة لجلالة الملك. ويشكل تجديد النموذج التنموي مرحلة جديدة في توطيد المشروع المجتمعي، الذي يقوده جلالة الملك؛ ويشمل أيضا تعزيز الارتباط بقيم المواطنة الإيجابية والفاعلة، وتقوية الشعور بالانتماء إلى الأمة، وتأكيد الشخصية التاريخية والثقافية المغربية، الغنية بتاريخها العريق، والمتميزة بالانفتاح، وبتعدد مكوناتها.
وطبقا للمهمة الموكولة إليها، فقد اعتمدت اللجنة مقاربة متعددة الأبعاد، وقامت بتأطير جيد لأعمالها. وقد تمكنت على الخصوص، من استكشاف وتدارس التحديات والتغييرات الجديدة التي نتجت عن جائحة (كوفيد-19)، في العديد من المجالات الاستراتيجية، مثل الصحة والفلاحة والأمن الغذائي والطاقة والتنمية الصناعية والسياحية.