شدد حزب التقدم والاشتراكية على ان الحكومة تُرَجِّحُ مصالح حُفنَة من لوبيات المال وتجار الأزمات، على حساب أوسع فئات المجتمع، باتخاذها إجراءات مُكَلِّفة للمالية العمومية، من غير أيِّ أثرٍ إيجابي على المواطنين، وعلى رأسها الإعفاءات التي يستفيد منها مستوردو الأبقار والأغنام، وعبر الحزب في بلاغ لمكتبه السياسي عن رفضه لإصرار الحكومة المتعنت على الاستمرار في اعتماد الإعفاءات الضريبية على استيراد الماشية، المستمرة منذ 2022، ضداًّ على كل الأصوات المنادية بإلغائها، حتى من داخل صفوف الأغلبية.
وتوقف الحزب على كون هذا الموضوع استنزف ولا يزال مبالغ ضخمة تُقدر بملايير الدراهم من المال العام، والذي ينضافُ إليه كذلك تقديمُ دعمٍ مالي مباشر قدره 437 مليون درهم لمستوردي الأغنام الموجَّهة لعيد الأضحى برسم سنتيْ 2023 و2024، وكل ذلك دون أيِّ أثرٍ إيجابي يُذكر، لا على أسعار الأضاحي آنذاك، ولا على أسعار اللحوم الحمراء عند الاستهلاك، ولا على وضعية القطيع الوطني، ولا على المستوى الاقتصادي والمالي والاجتماعي.
وأكد التقدم والاشتراكية على أنَّ ملايير الدراهم التي فَقَدَتها مباشَرَةً أو حُرِمت من تحصيلها خزينةُ الدولة، ولا يزال نزيفُها مستمراً، بسبب هذه المقاربة الحكومية المستوجِبَة للمساءلة، تَفوقُ قيمتُها 13 مليار درهماً، وقد تصل إلى نحو 20 مليار درهماً، وذلك بعد أن تُفصِحَ الحكومةُ أيضاً عن الموارد المالية المفترضة والمهدورة منذ أكتوبر 2024 إلى الآن.
وأشار الحزب إلى أن هذه المقاربة الحكومية لا يمكنُ تبريرُها فقط بالجفاف، بل إنها مقاربَة تؤكد، مرة أخرى، الفشل الذريع لمخطط المغرب/الجيل الأخضر الذي جُعِلَ بالأساس في خدمة المصدِّرين الكبار، على حساب السيادة الغذائية الوطنية، والفلاحين الصغار والمتوسطين، وعلى حساب الموارد المائية الوطنية.
و طالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام بالتحقيق مع “الفراقشية الكبار” الذين وظفوا أزمة غلاء اللحوم الحمراء، واستغلوا المال العام.
واستغرب محمد الغلوسي رئيس الجمعية كيف أن البرلمان الذي تهيمن عليه الحكومة، لم يستطع أن يطالب بتشكيل لجنة تقصي الحقائق أو استطلاع للوقوف عند حجم أموال الدعم المقدمة لأولئك الذين يعرفون من أين تأكل الكتف، وأضاف ، لو تعلق الأمر بمدون أو صحفي أو حقوقي لرأينا القانون والمساطر تتحرك بسرعة البرق، لكن والأمر يتعلق بأصحاب “العلف ” الذين يقدمون بعلف والنفخ في الرصيد الانتخابي والسياسي لبعض أحزاب زواج السلطة بالمال، فإن العدالة تخرس وتصاب بالعمى”.
وأكد أن المطلوب اليوم من النيابة العامة هو التحرك لفتح بحث قضائي موسع حول وجود شبهات تبديد واختلاس أموال عمومية ضخمة، لأن المبلغ كبير والمصاب جلل، المصاب هو جيوب المغاربة التي استنزفت من جراء ارتفاع جنوني لأسعار اللحوم رغم أن الهدف من الدعم والإعفاء من رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة هو التأثير على “جنون لحم البقر”.
وأشار إلى أن مسؤولين حكوميين وحزبيين تحدثوا في الموضوع وأشاروا إلى مايشبه سرقة أموال المغاربة في واضحة النهار، والرأي العام يطالب بالحقيقة عبر بحث قضائي يميط اللثام عن كل جوانب الشبهة، لكن الجهات المعنية لم تأخذ ذلك لحدود الآن ما وقع على محمل الجد.
وشدد الغلوسي أن هذه ليست الفضيحة الأولى التي بقيت في دائرة الغموض والإفلات من العقاب، فهناك قضايا مشابهة لها تماما، منها البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم وهدر مبلغ 44 مليار ،تذاكر المونديال ،صفقات وزارة الصحة ،ملف المحروقات و17 مليار، إصلاح مركب محمد الخامس وهدر مبلغ 22 مليار فيما سمي بالإصلاح وإعادة الإصلاح.
ولفت إلى أن قضية هدر مبلغ 113 مليار من طرف مستوردين ضمنهم برلمانيون تشبه القضايا المذكورة، ووجه الشبه أن “الكبار” لا تصل إليهم يد العدالة والقانون رغم أن الدستور في مادته السادسة يقول لنا “الناس سواسية أمام القانون “، لكن الذي نراه هو أن القانون وسيف العدالة مسلط على البعض دون الآخر، فهل سنرى تحقيقات وأبحاث جدية بخصوص قضايا الفساد التي تورط فيها الكبار ونتابع محاكمتهم أمام القضاء أم أن الأمر سيقتصر فقط على الصغار؟.
و سنة 2022 بدأت الحكومة في إعفاء مستوردي رؤوس الماشية المخصصة للذبح في المجازر، من رسم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة، وهو الإجراء الذي كلف إلى غاية أكتوبر الماضي ما يناهز 13 مليار درهم، في حين تشير التقديرات إلى أن هذا الرقم سيصل إلى 20 مليار درهم، مع استمرار العمل بالإعفاء إلى غاية اليوم. وينضاف إلى هذا المبلغ، الدعم المخصص لاستيراد الأضاحي والمقدر بـ500 درهم عن كل رأس، وهو الإجراء الذي كلف 437 مليون درهم خلال عيدي 2023 و2024.
وسواء تعلق الأمر بالإعفاءات الضريبية، أو دعم 500 درهم لاستيراد الأضاحي، لم يكن لهذين الإجراءين اللذين بلغت كلفتهما (إلى غاية أكتوبر 2024) أزيد من 13.5 مليار درهم، أي نتائج محسوسة على المواطنين، حيث واصلت أسعار اللحوم الحمراء تخطي حاجز 100 درهم في السنوات الماضية، كما لم تقو فئات واسعة من الأسر على اقتناء الأضاحي.