وصف حقوقيون مشروع قانون مالية 2023، بالمشروع الهادف لخدمة الأغنياء و تفقير الفقراء، مشددين على أن المشروع جاء لدعم قطاعات الصناعات الكبرى و المحروقات و الشركات الكبرى، والتضييق على اصحاب المهن الصغرى و المقاولات الصغرى، حيث شدد محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام على ان “حكومة أرباب العمل والأوليغارشية المالية تقودنا نحو الهاوية، ولا تكف عن توفير كل الشروط للاحتكار والريع، والتمكين للذين يملكون البر والبحر والزيادة في إغناء الأغنياء وإفقار الفقراء وتدمير الطبقة الوسطى”.
وأشار الغلوسي في تدوينة على فايسبوك، أن حكومة أخنوش اتخذت إجراءات ضريبية واقتصادية ستحول المجتمع إلى طبقتين اجتماعيتين، طبقة رؤوس الأموال والأصول التجارية والعقارية والأسهم وطبقة المهمشين والمقصيين، وأكد أن الحكومة توفر الغطاء والأرضية للفساد والرشوة ونهب المال العام، وهي حكومة تشمئز حتى من مجرد ذكر كلمة الفساد والرشوة، وتتمنى لو كان بإمكانها إعادة صياغة قاموس اللغة العربية لحذف عبارات “الفساد، الرشوة، الريع” من المعجم العربي لأنها لا يمكن أن تستمر وتعيش بدون فساد وريع، وأضاف ” هي حكومة تمكن للوبي المحروقات والعقار والأبناك والتأمين لامتصاص دماء المغاربة، حكومة أوفت كثيرا بوعودها لهذا اللوبي الكبير الذي يسيطر على كل شيء، وجمدت ملفات الفساد ونهب المال العام، ومكنت المفسدين ولصوص المال العام من الإفلات من العقاب، وأغدقت الأموال والأرباح على المستفيدين من واقع الفساد والريع من خلال وضع كل الإمكانيات والموارد والمقدرات رهن إشارتهم، حكومة تمثل مسرحية”.
وشدد على أنها “حكومة عمل وأعمال تجتهد لخدمة رجال الأعمال وسماسرة السوق والتجارة، هي حكومة ترفع الأسعار وتضرب القوت اليومي للمغاربة وتدق المسمار في ما تبقى من مكتسبات، هي حكومة مشكلة من خليط هجين ومن وزراء وجدوا أنفسهم رغما عنهم يمارسون السياسة، هي وهم قدرنا في هذا البلد السعيد”.
من جهته قال عمر الحياني المستشار الجماعي عن “فدرالية اليسار الديمقراطي” إن أهم خلاصات قانون مالية 2023، هي أنه لم يعد هناك من يدافع عن الطبقة المتوسطة، وأوضح الحياني في تدوينة على فايسبوك، أنه منذ ليلة 8 شتنبر 2021، تحول مجلس النواب إلى مجلس للأعيان، ولم يعد للطبقة الوسطى ممثلين بالبرلمان، اللهم بعض البرلمانيين الذين يعدون على رؤوس الأصابع”، وأضاف ” حكومة الأثرياء منحت لأصدقائها أكبر تخفيض ضريبي في تاريخ المغرب، حيث ستنتقل الضريبة على الشركات التي تحقق أقل من 100 مليون درهم، من 31% إلى 20%، و حتى رفع الضريبة على الشركات التي تحقق أكثر من 100 مليون درهم من 31 إلى 35% هو في الحقيقة تدليس، إذ أن الضريبة على الربيحات Dividendes سينخفض من 15 إلى 10% فقط”.
وأكد الحياني أن أكبر ضحية في هذا التعديل هي المقاولات الصغرى التي كانت تؤدي 10% صار عليها أن تؤدي 20% اليوم، وهذا يعني أن المقاولين الصغار من الطبقة الوسطى سيتم تضريبهم كأي شركة كبرى، وتابع ” نرى كيف تعبأت هيئات المحامين والأطباء والمهندسين المعماريين وغيرهم للضغط على الحكومة ونجحوا في تخفيض الاقتطاع الضريبي من 20% إلى 10%، ونرى كيف تعبأت النقابات من أجل إعفاء 90% من دخل المتقاعدين من الضرائب، وزاد “ورأينا نفس النقابات تكتفي بتعديل ضريبي سيزيد الأجور ب 180 درهم على أكثر تقدير، في سنة من المتوقع أن يبلغ فيها معدل التضخم 8% على الأقل”.
وختم تدوينته بالقول ” ربما أن الطبقة الوسطى تؤدي ثمن نفورها من السياسة وتركها المجال السياسي للحيتان الكبيرة التي تشتري الأصوات الصغيرة، وربما أنها فقدت الثقة تماما في كل ما قد يأتي من هذا الوطن وأصبحت تفكر في مغادرته لمن استطاع لذلك سبيلا”.
و أعلنت الجبهة الاجتماعية المغربية عن تنظيم مسيرة وطنية احتجاجية يوم الأحد 4 دجنبر المقبل انطلاقا من ساحة باب الأحد بالرباط تحت شعار “جميعا ضد الغلاء والقمع والقهر”.
وأكدت الجبهة في بلاغ لها أن هذه المسيرة الوطنية ليست سوى خطوة نضالية ستتلوها خطوات أخرى حتى تحقيق المطالب، وأوضحت الجبهة أن هذه الخطوة الاحتجاجية تأتي في سياق الأوضاع المزرية التي تعاني منها أوسع الفئات المغربية، نتيجة تفاقم مسلسل غلاء أسعار المحروقات وكل المواد الأساسية لدرجة غير مسبوقة في تاريخ المغرب، حتى أصبح الشعب المغربي غارقا في الفقر والحاجة.
واعتبرت الجبهة أن مشروع قانون المالية زاد الطين بلة، حيث جاء ليعمق معاناة المغاربة من خلال تدابير عدة، وتهميش المرفق العمومي من تعليم وصحة، ناهيك عن السكن، وتكريس العمل بالعقدة في الوظيفة العمومية، واستهداف عدة فئات؛ خاصة المحامون والموثقون، مقابل تقديم هدايا ضريبية هامة للأثرياء، فاقت انتظارات الباطرونا.
وسجل ذات المصدر أن المناخ بالمغرب يتسم بتفشي الفساد والرشوة ونهب المال العام والثروات الطبيعية والأراضي السلالية وأراضي الجموع وأراضي الدولة، مع التمادي في سياسة القمع الشامل والممنهج لكل الأصوات الحرة المحتجة ضد هذا الواقع المر.
أما الحوار الاجتماعي، حسب الجبهة، فقد تأكد بالملموس أنه لا يتسم بالجدية وغير منتج طالما أن الحكومة والباطرونا ترفضان الاستجابة لمطالب الحركة النقابية وعلى رأسها الزيادة في الأجور وتخفيف فعلي للعبء الضريبي على الأجراء واحترام الحريات النقابية وحل أزمة التقاعد بعيدا عن جيوب الأجراء.
واعتبرت أن هذا المسلسل من الزحف على مكتسبات وحقوق الشعب المغربي وتفقيره من جهة وإغناء الأغنياء من جهة ثانية، يكمن في جوهر النموذج التنموي المتبع القائم على التبعية والاحتكار والريع والاستبداد، وفاقمته حكومة الباطرونا، ولن يتوقف إلا بالمزيد من النضال الوحدوي والمتواصل على أكثر من صعيد.