كشفت رئاسة النيابة العامة، أن وضعية الساكنة السجنية في نهاية 2021، عرفت تسجيل 88941 معتقل احتياطيا، بينهم 37526 معتقلا احتياطيا، و 51415 محكومون نهائيا ، من بينهم 2085 إناث و 87913 بالغون و 86856 ذكورا و 1028 أحداث، حيث أوضح مراد العلمي رئيس شعبة تتبع تنفيذ السياسة الجنائية وتحليل ظاهرة الجريمة برئاسة النيابة العامة، أن تأثير الإفراط في الاعتقال الاحتياطي على حقوق السجناء، من خلال عدم فعالية و نجاعة تقويم السلوك المنحرف للجانحين، و إثقال كاهل المالية العامة بأعباء بناء السجون و تسييرها و صيانتها، و الإضرار بالأسرة نتيجة تفككها و حرمانها من معيلها و المشرف على شؤونها و تؤثر لسبا على أفرادها ماديا و اجتماعيا و نفسانيا و تربويا، و الإضرار بالسجين بسبب وصمة العار التي تلحقه، وتأثر سلوكه بالاختلاط بسجناء أكثر خطورة ومن مستوى عال في الإجرام، و كذلك اللاكتظاظ في السجون و ما ينتج عنها من فشل في سياسات الإصلاح و إعادة الادماج ارتفاع حالات العود”.
وأشار العلمي، خلال ندوة برواق رئاسة النيابة العامة بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، الى ما أسماه محدودية بدائل الاعتقال الاحتياطي في التشريع المغربي، موضحا أنه يتجلى في غياب بدائل للاعتقال الاحتياطي في الجنايات التي يختص بها الوكلاء العامون للملك، و اقتصار بدائل الاعتقال الاحتياطي في الجنح على الكفالة و الصلح الزجري، و غياب العقوبات البديلة و طول انتظار اعتمادها في مشروع القانون الجنائي، وهيمنة العقوبات السالبة للحرية على المنظومة القانونية الوطنية، موضحا أن الملاحظ في عدم فعالية البدائل الحالية لترشيد الاعتقال الاحتياطي عمليا.
ودعا العلمي، الى الحاجة لتطوير بدائل الاعتقال الاحتياطي و الوقاية من الجريمة، موضحا أنه على المستوى التشريعي، يجب التعجيل باعتماد تدابير جديدة بديلة للاعتقال الاحتياطي و كذا العقوبات البديلة، فيما على المستوى اللوجستيكي، يى العلمي، ان الحاجة الى إنشاء الآليات و الأجهزة الضرورية لتنفيذ بدائل الاعتقال، موضحا نموذج الفصل الثامن من ظهير زجر الادمان على المخدؤات”، فيما على المستوى التدبيري، اكد على تطوير الاليات المعلوماتية للتبع و مراقبة و ضعية الاعتقال الاحتياطي، وعلى المستوى السياسي، يرى ضرورة وضع برنامج وطني للوقاية من الجريمة.
وكان مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أكد أن الاعتقال الاحتياطي في السياسة الجنائية المغربية هو تدبير استثنائي، وجاء ذلك خلال افتتاح أشغال الندوة الجهوية الثالثة حول ” ترشيد الاعتقال الاحتياطي “،موضحا أن رئاسة النيابة العامة أكدت في العديد المناسبات أن تحريك الدعوى العمومية في حالة اعتقال يجب أن يتم في الحالات الاستثنائية التي يقع فيها مساس بمصالح أخرى بشكل صارخ من طرف المشتبه فيه ”
وأوضح أن الاعتقال الاحتياطي، كدبير استثنائي، لا يتم إلا بعد توفر المبررات القانونية المحددة في المواد 47 و 73 و 74 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تتمثل في حالة التلبس، وخطورة الفعل الجرمي، وانعدام ضمانات الحضور، وتوفر دلائل قوية على ارتكاب المشتبه فيه للجريمة، وأضاف الداكي وقتها أن ترشيد الاعتقال الاحتياطي يعد من أولويات تنفيذ السياسة الجنائية التي تشرف عليها رئاسة النيابة العامة، مشيرا إلى أن « تدبير الاعتقال الاحتياطي يعتبر من المواضيع التي تستأثر باهتمام بالغ من جانب هذه الرئاسة، بدليل العدد الهام من الدوريات التي وجهت للنيابات العامة في هذا الشأن ».
وأشار الداكي حينها إلى أنه « رغم المكانة التي حظي بها موضوع الاعتقال الاحتياطي ضمن أولويات السياسة الجنائية، والجهود المبذولة في هذا الإطار، لا زالت نسبه يطبعها الارتفاع، حيث بلغ معدل الاعتقال الاحتياطي 44,56 في المائة في نهاية شهر أكتوبر 2021، علما أن هذه النسبة بلغت في نهاية شهر شتنبر 45,25 في المائة ، وتابع أنه « إذا كانت جهود رئاسة النيابة العامة في البداية أثمرت نتائج طيبة عكستها الأرقام المسجلة في معدلات الاعتقال الاحتياطي، حيث انخفضت إلى 36,31 في المائة في متم شهر مارس 2019، إلا أن الآثار السلبية التي أفرزها انتشار وباء (كوفيد- 19) على سير العدالة عموما، وعلى وتيرة البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين، على وجه الخصوص، انعكست بشكل ملحوظ على نتائج سنتي 2020 و2021، الأمر الذي يقتضي منا جميعا، قضاة الحكم والتحقيق والنيابة العامة، مضاعفة الجهود سواء عبر ترشيد اللجوء إلى الاعتقال عند تحريك المتابعات، أو من خلال الرفع من نجاعة الأداء عند البت في قضايا المعتقلين وإصدار الأحكام، والتسريع بإحالة ملفات المعتقلين الاحتياطيين المطعون فيها على المحكمة الأعلى درجة ».