شهدت زراعة الأفوكادو في المغرب نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت هذه الفاكهة جزءًا مهمًا من الإنتاج الزراعي الموجه للتصدير.
ورغم الفوائد الاقتصادية التي تحققها هذه الزراعة، إلا أن هناك جوانب سلبية بيئية واجتماعية لهذه الزراعة، خاصة في ظل الظروف المناخية الصعبة التي يعيشها المغرب.
وبسبب الطلب العالمي المتزايد على الأفوكادو، زادت مساحات الأراضي الزراعية المخصصة لهذه الفاكهة في المغرب، مما أدى إلى مجموعة من التأثيرات البيئية السلبية، من بين هذه التأثيرات استنزاف المياه الجوفية، حيث تعتمد معظم زراعة الأفوكادو في المغرب على المياه الجوفية التي تتعرض للاستهلاك المفرط، وهو ما يؤدي إلى انخفاض مستوى المياه الجوفية.
هذا وزادت مساحة زراعة الأفوكادو مقارنة بالسنة الماضية، حيث تبلغ حاليا هذه المساحة حوالي 10 آلاف هكتار.
ورغم أزمة الجفاف، يسير المغرب نحو تحقيق رقم قياسي جديد في تصدير الأفوكادو للموسم الثاني على التوالي، على الرغم من ندرة المياه، وتحذير تقارير حقوقية، من الاستنزاف المائي الذي تخلفه زراعة الأفوكادو.
وفي هذا السياق، قال عبد الله اليملاحي، رئيس الجمعية المغربية للأفوكادو، إن الزراعة هذه السنة تسير بشكل جيد، متوقعا زيادة في الكميات والأحجام، لتكون أفضل من العام الماضي حسب قوله.
وأوضح المتحدث، أن المنتجين يتوقعون انطلاق الجني في الأسابيع المقبلة للأصناف ذات القشرة الخضراء، وذلك في مواعيدها المحددة والعادية، متحدثا عن تطور الثمار واكتسابها للوزن.
وتوقع رئيس الجمعية أن يحافظ الإنتاج المغربي على وتيرته وأن يسجل رقما قياسيا في الحصاد للسنة الثانية على التوالي، قائلا: “لقد أنهينا الموسم الماضي بكمية 60 ألف طن، وهو رقم قياسي، ونتوقع أن يصل الإنتاج في الموسم المقبل إلى 80 أو 90 ألف طن”.
تحذيرات من طفرة إنتاج الأفوكادو
وتتوالى تحذيرات سياسيين وخبراء بيئيين بالمغرب من مخاطر إنتاج وتصدير فواكه معروفة باستنزافها للموارد المائية، على غرار فاكهة الأفوكادو التي تتطلب زراعتها كميات كبيرة من الماء، في وقت تعاني فيه البلاد من إجهاد مائي حاد.
وتصاعدت خلال الفترة الأخيرة الدعوات المطالبة بإيجاد بدائل لزراعة الأفوكادو وتقليص حجم إنتاجها وتصديرها نحو الخارج، بعد أن كشفت معطيات تضاعف إجمالي صادرات المملكة من هذه الفاكهة، ليرتقي المغرب إلى المراتب المتقدمة في عالميا.
النائبة عن فدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني، قالت للنهار المغربية، إنه في الوقت الذي يواجه فيه المغرب أزمة ماء حقيقية، دفعت بعض المواطنين للهجرة من قراهم والمناطق التي يعيشون فيها بحثا عنه، تكشف تقارير عن تصدير المغرب لآلاف الأطنان من الأفوكادو لدول أوروبية.
وأضافت البرلمانية، أنه يجب بالضرورة الاستغناء في هذه الفترة عن بعض الزراعات المتوجهة أساسا للتصدير، خاصة فاكهة “الأفوكادو”.
وشددت المتحدثة، أن هناك أزمة في تدبير الماء، مبرزة أن الاجراءات التي نهجتها الحكومة أنهكت الفرشة المائية في المغرب.
عبء ثقيل على الموارد المائية
تعد زراعة الأفوكادو من بين الأنشطة الزراعية الأكثر استنزافًا للمياه، حيث تحتاج شجرة الأفوكادو إلى كميات كبيرة من الماء لتنمو وتثمر.
ويُقدّر أن إنتاج كيلوغرام واحد من الأفوكادو يتطلب حوالي 2000 لتر من الماء، هذه الكمية الضخمة من المياه تجعل الأفوكادو من أكثر المحاصيل كثافة في استهلاك المياه، الأمر الذي يمثل تحديًا كبيرًا في المناطق التي تعاني من ندرة المياه.
إلى جانب الاستهلاك الهائل للمياه، تتسبب زراعة الأفوكادو في مجموعة من الأضرار البيئية الأخرى. فالتوسع في زراعة هذه الفاكهة غالبًا ما يؤدي إلى الاستغناء عن الزراعات الأخرى الأقل استهلاكا للمياه.
كما أن التوسع في زراعة الأفوكادو يساهم في تدهور التربة بسبب الاستخدام المكثف للأسمدة والمبيدات الحشرية، هذه المواد الكيميائية تلوث المياه الجوفية وتؤثر سلبًا على جودة التربة، مما يقلل من قدرتها على دعم الحياة النباتية والحيوانية على المدى الطويل.
بالإضافة إلى التأثيرات البيئية، تؤثر زراعة الأفوكادو على الفلاحين الصغار، حيث أن التوسع في هذه الزراعة غالبًا ما يتم على حساب المزارعين الصغار، الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى مغادرة أراضيهم لصالح الفلاحين الكبار.
ورغم هذه المعطيات فقد اتجه المغرب إلى زيادة في حجم صادرات هذه الفاكهة والانفتاح على أسواق عالمية جديدة مثل جورجيا، حيث قام المغرب لأول مرة بإرسال شحنة مباشرة لفاكهة الأفوكادو من نوع “هاس” إلى جورجيا، وذلك بفضل التعاون بين أحد المستوردين المحليين وسلسلة أحد المتاجر الكبرى، مما أتاح للمستهلكين الجورجيين إمكانية الوصول إلى كمية وفيرة من الأفوكادو بسعر منخفض.
ويستهدف المصدرون المغاربة أربع دول في الاتحاد الأوروبي بشكل أساسي وهي: إسبانيا وفرنسا وهولندا وألمانيا، حيث قامت الدول الثلاث الأولى بإعادة تصدير الأفوكادو المغربي بشكل كبير، فيما تعد المملكة المتحدة، خامس أكبر مستورد لهذه الفاكهة من المغرب.
مخطط المغرب الأخضر
أعاد تفاقم التضخم وغلاء أسعار المواد الأساسية والفلاحية مخطط المغرب الأخضر إلى الواجهة، حيث تعالت الأصوات مؤخرا بضرورة فتح ملف تقييم هذا البرنامج الذي خصصت له مليارات الدراهم.
قالت البرلمانية فاطمة التامني عن فدرالية اليسار، إن المخطط الأخضر لم ينجح في تنفيذ أهدافه الكبرى.
وأضافت البرلمانية في تصريح لـــ “النهار المغربية″، أن الحكومة رفضت تقييم برنامج المخطط الأخضر الذي صرفت عليه ملايين الدراهم، وهذا الأمر يدل على فشل هذا البرنامج.
وشددت المتحدثة، أن الغلاء الفاحش في الخضر والفواكه واللحوم الحمراء والبيضاء لخير دليل على أن هذا المخطط لم يحقق أهدافه.
بدوره، صرح عبد الله بوانو رئيس المجموعة النيابية لفريق العدالة والتنمية، أنه منذ سنة 2022 لم تفعل لجنة تقييم برنامج المخطط الأخضر.
وتساءل المتحدث، في تصريح لـــ “للنهار المغربية″، عن من هو وراء هذه العرقلة، باعتبار أن هذه سياسية عمومية ويجب بالضرورة أن تخضع للتقييم.
وشدد البرلماني، على أنه إذا كان سبب هذا التعطيل يعود لرئيس الحكومة الحالي وهو من تحمل مسؤولية هذا البرنامج باعتباره تقلد منصب وزير الفلاحة في الحكومات السابقة، فإن هذا الأمر لا يتم فيه استحضار مصلحة البلاد، يضيف المتحدث.
هذا وعقدت المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم مخطط المغرب الأخضر بتاريخ 09 مارس 2022 أول اجتماع لها برئاسة راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب وحضور أعضاء المجموعة الموضوعاتية المنتدبين من قبل الفرق والمجموعة النيابية.
وآخر اجتماع لها كان يوم فاتح يونيو 2022، وخلال المدة ما بين مارس ويونيو عقدت اللمجموعة الموضوعاتية أربع اجتماعات فقط، وأجلت اللقاء مرتين.
ويذكر أنه بينما تعد زراعة الأفوكادو في المغرب مصدرًا مهمًا للدخل والتصدير، إلا أن التحديات البيئية والاجتماعية المرتبطة بها لا يمكن تجاهلها، حيث دعا العديد من الخبراء إلى ضرورة التوجه نحو ممارسات زراعية مستدامة توازن بين الفوائد الاقتصادية والحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية لضمان استدامة هذا القطاع الزراعي في المستقبل.