أجمع زعماء الأحزاب السياسية في المغرب، على دور فرنسا في القرار البرلماني ضد المغرب، متهمين نظام ماكرون بالجري وراء الغاز الجزائري على حساب العلاقات مع المغرب، واللهث أمام التدفئة بغاز العسكر ضدا في مصالحها مع الرباط، حيث شدد عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية و رئيس الحكومة الأسبق، أنه ليس من حق البرلمان الأوروبي التدخل في المغرب، لأن “هذه البلاد أمة حرة مستقلة”، قائلا في لقاء مع حزبه “الأوروبيين يمشيو يحشمو يلا عندهم شي وجه علاش يحشمو، واش هادوك الفرنسيين لي مات عندهم في 2005 ما يقارب من 19 ألف رجل وامرأة مسنين لأنهم لم يجدوا من يقدم لهم الماء في وقت ارتفعت فيه درجات الحرارة، يتحدثون عنا بسبب أربعة أشخاص، وفي كوفيد مات عندهم 5000 مسن”.
واعتبر بنكيران أن فرنسا هي من تقف وراء قرار البرلمان الأوروبي ورئاستها لا تفقه شيئا، مشيرا أن هناك فرق كبير بين إمانويل ماكرون وشارل دوغول ومن شابهه، وتابع ” أنا أظن أن فرنسا باقي فيها ناس بعقلهم، وحنا يسمحولينا معنداش الغاز لي نعطيوهم، لكن الدول الكبرى لا تبني سياستها اعتمادا على الغاز والبترول بل على المبادئ وهذا ما رفع أسهم فرنسا، رفعتها المبادئ وحقوق الإنسان”، وأضاف ” فرنسا ابتليت في هذه المرحلة بقيادة لا تنظر أبعد من أنفها، ومشات كتنقز للغاز وغدا سيحل مشكل الغاز، لكن المغرب هو المغرب”.
وتوجه بنكيران إلى الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بالقول:” عندما دخل ليوطي قال ما وجدته في المغرب، لم أجده في الجزائر، والفرنسيون يعرفون أن المغرب دولة ضاربة في الأعماق والتاريخ، ولديها مكانة، ومثلت عبر التاريخ صخرة للدفاع عن حرمة الإسلام من هنا للشرق، وحتى نابليون عندما أراد غزو الدول الإسلامية لم يأتي للمغرب بل ذهب لمصر”.
وسجل أن المغرب ليس دولة ديمقراطية 100 في المائة، ولا يحترم حقوق الإنسان 100 في المائة، لكنه يعالج مشاكله بطريقة تدريجية، وأسس تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، وقام بأشياء رفعت قيمته في العالم، وبين عشية وضحاها لم يعد هذا المغرب يظهر للبرلمان الأوروبي.
وتساءل بنكيران عن ماذا حققت فرنسا في النيجر ومالي وبوركينافاسو؟ ولماذا تطرد اليوم من هذه الدول؟ هل سقط حب الأفارقة على روسيا البعيدة هكذا؟ لا بل لأنهم لم يجدوا فائدة تذكر في فرنسا، يجيب بنكيران.
من جهته عبر حزب الاتحاد الاشتراكي، عن تنديده بما أسماه المناورات المستهدفة للمغرب، والتي كان آخرها الموقف الصادر عن البرلمان الأوروبي، والذي انتقد وضعية الصحفيين والاعتقالات التي تطالهم.
وقال الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتركي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، في كلمة ألقاها خلال اجتماع المجلس الوطني للحزب، إن “موقف البرلمان الأوروبي هو في الحقيقة يعبر عن انزعاج العديد من الأطراف من موقع الندية الذي أصبحت تحتله بلادنا في تعاملها مع مختلف الشركاء”.
وأبرز لشكر، في كلمته، أن “هذا الانزعاج هو الذي جعل العديد من الأطراف الأوروبية، وفي مقدمتها فرنسا، عاجزة عن استيعاب مشروعنا التنموي ونموذجنا الديمقراطي وتجربتنا الحقوقية، والتي كانت إلى الأمس القريب، تشيد بما حققته بلادنا وتعتبره نموذجا وخطوات إيجابية، قبل أن يسقط عنها القناع”.
وشدد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتركي للقوات الشعبية، على أن “المغرب صمد بفضل التدبير الجيد والحاسم للنزاع للملك محمد السادس، التي جعلت ملف الصحراء بمثابة النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، ومعيار قياس نبل الصداقات ونجاعة الشراكات.
وفي سياق آخر، طالب لشكر الحكومة بتفعيل وأجرأة ما جاء في الخطابات الملكية، وعلى رأسها مشروع الحماية الاجتماعية، مسجلا أنه كان من بين المدافعين عن منذ سنوات، وظل حاضرا في أجندته السياسية، باعتبار أن المسألة الاجتماعية إحدى مرتكزات الفكر الاشتراكي الديموقراطي والمدافع عنها لإقرار العدالة الاجتماعية والإنصاف داخل الفئات الاجتماعية المغربية.
وأضاف ذات المتحدث أن حكومة أخنوش مدعوة إلى الانكباب على أجرأة وتفعيل كل القرارات التي جاء بها المشروع الملكي الكبير، مؤكدا أنه “بات من الضروري استعجال إخراج السجل الاجتماعي كإجراء أساسي مصاحب لتنفيذ هذا المشروع الضخم”.
وطالب لشكر بإصلاح قانون المالية بما يضمن توازن المالية العمومية، ويسعى إلى استعادة هوامش مالية حقيقية قادرة على ضمان استدامة تمويل البرامج الإصلاحية، ويقلص الدين العمومي وخاصة الخارجي، الذي وصل إلى مستويات مرتفعة تقارب 100% من الناتج الداخلي الخام، وهو ما قد يرهن القرار السيادي الإقتصادي المغربي في يد مؤسسات التمويل الدولية، ويدفع إلى ظهور توترات اجتماعية متواصلة”.
وشدد ادريس لشكر، على ضرورة “تقوية آليات مراقبة المنافسة ومحاربة الفساد، من خلال تعزيز أدوار مجلس المنافسة بما يضمن عمله كجهاز قادر على حماية المنافسة الاقتصادية، وتوسيع صلاحيات الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، لتستطيع القيام بأدوارها كجهاز قادر على تخليق المجال الاقتصادي بمختلف مناحيه وجوانبه”.
وأشار لشكر، إلى أن المغرب “لا يمكن أن يحقق التنمية الشاملة المنشودة والتطور المطلوب، الذي سيكون في مستوى تطلعات الشعب المغربي، دون مضاعفة المجهودات لتجويد التعليم والتربية والتكوين والصحة والسكن، كقطاعات اجتماعية أساسية تحفظ كرامة المواطن المغربي والاهتمام بالموارد البشرية والنهوض بها”.
و دعا لشكر، إلى “مأسسة الحوار المركزي بين الحكومة والمركزيات النقابية والكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب”، مشددا أن الحوار وسيلة من أجل الوصول إلى نتائج مرضية ومتوافق عليها تضمن سلامة اجتماعية، خاصة وبلادنا مقبلة على تنزيل نموذج تنموي جديد يحتاج لكل ذلك”.