أصبحت الحانات والمقاهي التي كانت تعج بالرواد في حي مطل على البحر في مدينة اسطنبول، شبه فارغة من روادها بعد زيادة الحكومة الضريبة على الكحول بنحو 50 بالمئة.
والزيادة الضريبية المفروضة هي واحدة من أكبر الضربات لاستهلاك الكحول التي توج هها حكومة غالبا ما تت همها المعارضة بالسعي لنسف أسس تركيا الحديثة ذات الغالبية المسلمة والعلمانية رسميا.
وتجل ت مفاعيل الخطوة بشكل واضح في حي بشيكتاش الواقع في الجانب الأوروبي من مضيق البوسفور.
وأعرب سليمان غونيش عن إحباطه وهو يبحث عن زبائن في ساعات الذروة المسائية في الحانة التي يعمل فيها.
وقال الرجل البالغ 32 عاما في تصريح لوكالة فرانس برس إن الأمور ليست كما كانت في السابق، موضحا “في هذا التوقيت من النهار عادة ما تكون الحانة مليئة بالرواد بنسبة 80 إلى 90 بالمئة”، مشيرا إلى أن نسبة الإشغال “حاليا تراوح بين 30 و40 بالمئة”.
وتابع “الزبائن يرحلون ما إن يروا الأسعار في قائمة الطعام”.
وبشيكتاش هو أحد أكثر أحياء اسطنبول شعبية واستقطابا للرواد بجامعاته وناديه العريق لكرة القدم وجيل الشباب بمقاهيه وحاناته.
وتساءل غونيش “كيف تتوقع أن يدفع أحدهم نصف مصروفه اليومي ثمنا لكوب من البيرة”.
وغالبا ما يعب ر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المسلم المتدي ن عن مناهضته لاستهلاك الكحول والتبغ.
وفي العام 2013 أقرت حكومته قانونا يحد من الساعات التي يسمح فيها ببيع الكحول، وفي خضم الإغلاق الذي فرضته العام الماضي لاحتواء كوفيد-19 أدخلت مزيدا من القيود على المبيعات الكحولية.
وهو نصح مرارا الأتراك بشرب لبن “عيران” بدلا من مشروب “راكي” الكحولي المصن ع محليا بنكهة اليانسون والذي تشتهر به تركيا.
ترفع الرسوم التي أقرت مؤخرا الأسعار على المستهلكين وعلى الحانات والمقاهي التي ترزح تحت وطأة التضخ م وارتفاع أسعار الإيجارات والقيود المفروضة خلال الجائحة، على الرغم من أن هذه القيود أقل صرامة مقارنة بدول عدة.
وقال عدد من السقاة العاملين في الحانات لوكالة فرانس برس إنهم شاهدوا زبائن يتقاسمون عبوة بيرة وإن بعضا من الرواد يبقون في الحانة لساعات بعد طلبهم كأس نبيذ فقط.
عندما وصل حزب العدالة والتنمية بزعامة إردوغان إلى السلطة في العام 2002 كان سعر عبوة مشروب الراكي سعة 0,7 ليتر ثماني ليرات تركية.
حاليا بلغ سعرها 249 ليرة (16 يورو) أي بزيادة قدرها 42 بالمئة مقارنة بثمنها الذي كان قد بلغ 175 ليرة في كانون الثاني/يناير.
في الأثناء، تآكلت القدرة الشرائية للأتراك من جراء تضخ م بنسبة نحو 50 بالمئة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، على الرغم من زيادة أجور العاملين في الكثير من المؤسسات الرسمية والخاصة بنسب تراوح بين 30 و50 بالمئة.
وبعد الرسوم الأخيرة المفروضة على الكحول، باتت المحال التي تبيع المشروبات الكحولية عرضة للإغلاق، في حين بدأ البعض بإنتاج مشروبات كحولية يصنعونها منزليا.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس قال جيهان إنجي وهو مالك محل لبيع المشروبات الكحولية إن “الكحول كانت أصلا باهظة الثمن. والزيادة الأخيرة على الأسعار صب ت الزيت على النار”.
وقال أوزغور أيباش وهو رئيس ومؤسس سلسلة متاجر “بلاتفورم” لبيع المشروبات الكحولية إن زيادة أسعار المشروبات الكحولية هي بمثابة “غرامة فرضتها أقلية ضئيلة على غالبية سعيدة”، على ثقافة الضيافة وعلى “الحياة الخاصة والعلمانية”.