محمد فارس
لكن قبل كل شيء، دعْنا نستعرض الاغتيالات التي عرفها القرنُ (20)؛ ففي عام (1900) اغتيل الملك [هومبرْت]؛ واغتيل الرئيس الأمريكي [ماكينْلي] عام (1901)، واغتيلَ الغرانْدوق [رجيوس] الروسي عام (1905)؛ واغتيل ملكُ [البرتغال] ووليّ عهده عام (1908)؛ واغتيل وليّ عهد (هانغاريا ــ النامسا) [فرانز فيردينان] عام (1914)؛ واغتيل قيْصَر [روسيا] (نيكولا الثاني) عام (1917)؛ واغتيل الرئيسُ الأمريكي [جون كيندي] عام (1963)، ولم يكُن قاتلُه [أوزْوُولد] كما راج كذبًا وبهتانًا؛ واغتيل [باتريس لومومبا] محرّر [الكونغو] عام (1965)؛ واغتيل [تشي غِيڤارا] عام (1968)، واغتيلَ [أنور السّادات] عام (1980)، واغتيلت [أنديرا غاندي] عام (1984)؛ واغتيل ابنُها [راجيف غاندي] عام (1988)؛ واغتيل رئيسُ (بوركينفاسو) [تُومَاس صَانْكارا] عام (1987)؛ واغتيلَ [روني معَوضْ] الرئيسُ اللُّبناني عام (1991)؛ وفي سنة (1992) اغتيل الرئيسُ الجزائري [محمّد بوضْياف]، والقائمةُ طويلة؛ ثمّ يا له مِن قرن!
في سنة (1936) عُزِل ملكُ [بريطانيا] الملكُ [إدْوارد الثامن]، فقد صوَّروهُ للناسِ بأنّه زيرُ نساء، لكنّهم لم يَنجحوا إلى أنْ عزمَ على الزّواج من سيّدة أمريكية مطلّقة تدْعى [والي سِيمْبسون]، عندئذ تحركَت أجهزة الدّعاية بكل قِواها، مُثيرة الرأيَ العام ضدَّ هذه السيدة، وهكذا حُمِل الملكُ على تَنَحّيه عن عرشه وكان عليه أن يختارَ أحدَ أمريْن: إما التَّخلّي عن العرش، أو التّخلي عن زواجِه من السّيِّدة [سيمبسون]، فاختار التَّنحي عن العرش، ورفض أن يكونَ أُلْعوبة بيدِ خصومِه وكان [تشرشل] وراءَ كلِّ تلك الألاعيب والخُدَع.. في سنة (1925) بنى ملكُ [إسبانيا]، (ألفونس. 13) مصنعًا بمساعدة [ألمانيا] لإنتاج الغازات السّامة لقَتل المغاربة، وكان هذا الملكُ الذي نُفيَ في ما بعْدُ هو من أوصى [فرنسا] باحتلال [المغرب] عام (1912).
في سنة (1930)، ابتدَع [ستالين] مجاعةً مصطنعة في [أوكرانيا]، ذهب ضحيتَها ما يزيدُ عن (30) مليون إنسان، ومن ثَمة تفاقمتْ كراهيةُ الأوكرانيين للروس، وما زالت قائمة إلى يومنا هذا، وستَسْتمرُّ لا محالة.. خلال الثلاثينيات من القرن العشرين، تبارى [ستالين] و[هتلر] في القَتل والكذب والخداع، ومن الصَّعب الوصولُ إلى نتيجة، أيُّهما تفوّقَ على الآخر في الطّغيان؟ [ستالين] قتل رفاقهُ في الحزب الشيوعي، وأخصّ منهم بالذكر: تروتسْكي؛ وزينوڤْييڤ؛ وكامينيڤْ؛ وبوكارين؛ وتشُوخَاشِيڤْسكي جوهرة الجيش الأحمر؛ وأرسل إلى معتقل بعضًا من أفراد أسرته، وانتحرتْ زوجتُه (نادية)، وأرسل (باوْلينَا) زوجةَ (مولوتُوڤ) إلى (سَيْبِيرْيا) وقال قولتَه الشّهيرة: إنّ الخونَةَ يملكون بطاقة الحزب الشّيوعي؛ لكن ماذا عن [هِتْلر]؟ (الفوهرر) هو كذلك قتل رفاقه، وقادةً بارزين في [ألمانيا] أخصّ منهم بالذّكر: الجنيرال (ڤون شلايْكَر)؛ وإيرنيست رُوهم؛ والجنيرال تُود؛ وعزلَ قائد الجيش (ملومْبِيرغ).. [ستالين] قتل (3000) من ضباط الجيش البولوني مع أُسرِهم، ودفنهُم في قَبْرٍ جماعي في منطقة [كاتين] وقد أَخرجَ [بوريس يَلتْسين] وثيقةً ظلتْ سِرّية تُثْبِتُ أنّ [ستالين] هو الذي أعطى الأوامر لاقتراف هذه المجزرة سنة (1939)؛ [ستالين] و[هتلر] كانا كلاهما مخادِعًا وكذّابًا ودمويًا بلا شَكّ..
لقد ألّف [الكواكبي] كتابًا مهمّا بعنوان [طبائع الاستبداد]؛ هذه الطبائعُ لا تختلف بيْن مستبدّ ومستبِدّ، مهما اختلفَت إيديولوجياتُهم، كيف ذلك؟ لقد قال [ستالين] بالحرف: [إنّ إيڤان المرعب قتل الآلاف، فمن اليوم يتذكّر أو يتحدّث عن هذه الحُثالة التي قَتلها (إيڤان)؟]؛ أما [هتلر] فقال بالحرف: [إن جينْجيزخان، كان سيّافًا وقاطِعَ رؤُوس، ولكن التاريخَ يذكُره كبطل وكرجُل عظيم، باعتباره قاتلاً ينفّذ الإرادةَ الإلاهيةَ في مملكة الرّب]؛ ويذكر التاريخ، أنّ [جِنجيزْخان] كان يقول لمن يقع بين يديْه: [أنا منفّذُ الإرادة الإلاهية، فلو كان الرّبُّ يحبُّكَ، لما جعلكَ في طريقي]؛ وهكذا، كان [هتلر] و[ستالين] يعتبِران نفسيْهما أنّهما مبعوثَا الإرادة الإلاهية؛ وحاشا أن يكونَ الرَّبُّ ظالـمًا ومُباركًا للقتلة!