إدريس عدار
نصير مزراوي لاعب مغربي مع فريق ألماني. لاعب محترف وهو من عناصر النخبة الوطنية. مواطن مغربي عبّر عن رأيه فيما يجري في فلسطين. التضامن حق مشروع لكل إنسان. لكن الغرب الديمقراطي جدا له وجهة نظر أخرى. هاجمت الصحافة الألمانية لاعب البايرن. وحرضت ضده. ليس جديدا عليه. في سنة 2021 عندما كان يلعب في هولندا.
ليس الأمر مهما أن يقوم الإعلام الغربي، الذي تتحكم فيه جهات وأجندات، بمهاجمته، ولكن أن ينبري المحلل الرياضي عزيز داودة ليطلب من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم طلبا غريبا، كتب في تغريدة على تويتر “نظرا لما يحدث مع المزراوي، أعتقد أن على الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أن توضح للاعبين ضرورة تجنب التعليقات التي قد لا يتم قياس تأثيرها. ليس لديهم النضج والمعرفة السياسية للتعبير عن أنفسهم في بعض المواضيع الحساسة”.
ما لم يطرحه داودة هو مفهوم النضج السياسي؟ وهل النضج السياسي مرتبط بالسن حتى يجعل من كبر سنه سلطة على الآخرين؟
ما هو المعيار الذي أسس عليه هذا الحكم؟ من أدراك أن بعض الصغار أنضج سياسيا من الكبار؟ النضج السياسي يرتبط أحيانا بالمنطق وأخرى بالحدس وثالثة بالعواطف، التي لا تنفصل عن كل معرفة إنسانية، بل إنه لا يمكن تجريد العالم في مختبره من عاطفته؟
اللاعب المذكور متحمل لكامل مسؤوليته وهو ناضج ومستعد للتكلفة، وله الحق في اتخاذ ما يراه صائبا.
لكن أن تقوم الجامعة بحث اللاعبين على ضرورة تجنب التعليقات التي قد لا يتم قياس تأثيرها، فهنا سوف تتحول الجامعة من أداة لتدبير شؤون كرة القدم إلى سلطة لقمع اللاعبين.
ما دخل الجامعة في موقف كل واحد؟ وهل يحق لها ذلك؟
في رد عليه على حسابه في تويتر “لقد عبر عن رأيه كما تعبر الآن عن رأيك. والاتحاد آلية لإدارة الشؤون الرياضية وليس سلطة لقمع اللاعبين. ماذا يعني النضج السياسي؟ هل هو مرتبط بالعمر أم بالضمير؟”.
لم يخبرنا ما إن كانت الجامعة فعلا قادرة على اتخاذ الموقف الصحيح في قضية مثل هذه. الناس متروكة لأفكارها.
المغاربة معروفون بأنه “كلها يلغي بلغاه”. لا بمعنى الفوضى ولكن بمعنى حرية التعبير. أناس آخرون اتخذوا مواقف متطرفة في الاتجاه الآخر. ليس من حقنا إلغاءهم. من حقنا مناقشتهم لكن أن نطلب من جهة لجمهم سنكون ضد حرية التعبير. لو ناقش الموضوع في حدود الاختلاف مع اللاعب وقال إن وضعه مثلا لا يسمح بذلك لكان الأمر هينا. لكن أن تتدخل الجامعة وبلغة “الضرورة” يصبح الأمر خارج ما هو معمول به في هذا البلد.