يتجه خبراء دوليون في القانون الدولي الإنساني وشؤون اللاجئين، الى رفع عرائض للأمم المتحدة تطالب بـ “حماية الأطفال خلال الازمات الإنسانية”، على أثر استشراء ظاهرة تجنيد الأطفال بمخيمات تندوف وتهديد الاستقرار الٌإقليمي، وشدد الخبراء على أن الأطفال الذين تجندهم “البوليساريو” يشكلون مشاريع عناصر متطرفة من شأنها أن تهدد الأمن والاستقرار بمنطقة شمال إفريقيا والساحل.
وأكد الخبراء، على ضرورة تحميل الجزائر المسؤولية التاريخية تجاه المجتمع الدولي في التصدي لتجنيد الأطفال الموجودين على أراضيها، وكذا مسؤوليتها الكاملة عن الانتهاكات الجسيمة التي تطال حقوقهم الأساسية.
و أبرز مدير المنظمة غير الحكومية (العمل العالمي من أجل اللاجئين) بالنرويج، إيريك كاميرون، أن “المنتظم الدولي لا يعترف بـ+البوليساريو+، الأمر الذي يجعل مسؤولية الجزائر مضاعفة”، موضحا أن الأمر يتعلق بمسؤولية مباشرة تهم وجود “البوليساريو” على أراضيها، ومسؤولية غير مباشرة تتصل بدعم هذه الجماعة وتفادي تقديم تقارير حول استغلالها للأطفال وتجنيدهم”.
ونوه كاميرون، من جهة أخرى، بالتزام المغرب بتطبيق المواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق الطفل والبرتوكولات الاختيارية المتعلقة بها.
و ندد رئيس مركز الدراسات الإسبانية المغربية في سرقسطة – إسبانيا، ميكيل بويول غارسيا، بالظروف التي يرزح تحتها الأطفال بمخيمات تندوف جنوب الجزائر في ظل اختلاس +البوليساريو+ للمساعدات الإنسانية الدولية، وأشار المتحدث في هذا الصدد إلى تقرير للبرلمان الأوروبي، صدر حديثا يؤكد “إخضاع أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 12 و13 سنة للتداريب العسكرية في الجزائر وكوبا وليبيا”، ولم يفت الخبير أن ينوه بموقف إسبانيا الأخير الداعم لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف” المفتعل حول الصحراء المغربية.
و دعا الأستاذ بجامعة أوتاوا ورئيس مجموعة التفكير “بوليسنس بكندا، عبد القادر الفيلالي، إلى إدانة جميع أشكال استغلال الأطفال وإقحامهم في النزاعات المسلحة، بما في ذلك في تندوف جنوب الجزائر، كما ندد باختلاس المساعدات الإنسانية من قبل “البوليساريو”، والذي يفضي، من بين أمور أخرى، إلى لجوء الأطفال هناك إلى العمل القسري، وكذا إلى تنامي اللجوء إلى التجنيد والتطرف.
و شدد أستاذ القانون الدولي الإنساني بجامعة لومومباشي بالكونغو الديموقراطية، مومبالا أبلونكو جنيور، أن “إفريقيا أحرزت تقدما ملموسا في ما يخص ترسانة قواعد ومعايير القانون الدولي الإنساني”، داعيا في الوقت ذاته إلى بذل المزيد من الجهود وتعبئة المزيد من الموارد لتلافي الهوة بين التشريع المحلي والقانون الدولي.
أما مدير آليات اللجوء وما بعد اللجوء بفرنسا، رومويلد ليكيبي، فسلط الضوء على موضوع “الأطفال في الحرب: حالة جمهورية الكونغو الديموقراطية”، مسجلا أن ظاهرة التجنيد الإجباري “مزمنة” في هذا البلد الإفريقي. وأكد في هذا الصدد، أنه ينبغي تعبئة العدالة الوطنية، واللجوء إلى العدالة الدولية في حال فشل المنظومة الوطنية، داعيا إلى الاقتصاص من الضالعين في تجنيد الأطفال وإعادة تأهيل الضحايا.
ودعا ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن التهديد الإرهابي في إفريقيا أصبح أكثر عدوانية، مع ظهور جماعات جديدة تتكيف مع الاستجابات الوطنية والإقليمية، لنشر الفوضى واستهداف الاستقرار، مشيرا إلى أن منظومة الإرهاب تتطور لتصبح “صلة وصل مؤكدة” بين “الإرهاب والانفصال والجريمة”.
وأوضح بوريطة، أن الدول الأعضاء الـ85 في “التحالف العالمي ضد داعش”، الذي انعقد في مراكش في الـ11 من ماي الجاري، أثارت الانتباه إلى هذه التحولات، التي توقعها أيضا منتدى دكار الدولي للسلام والأمن الذي عقد عام 2016 برئاسة ماكي سال، وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إنه “في مواجهة هذا التهديد المتحول، يجب ألا تفهم جهودنا الجماعية على أنها دليل على ضعفنا الفردي”.
وأكد بوريطة أن الخوض مرة أخرى في هذا الموضوع المتمثل في الإرهاب والتغييرات غير الدستورية للحكومات يعكس مخاوف مزدوجة؛ أولا بالنظر إلى الظرفية المشوبة بالتحديات التي تجتازها القارة الإفريقية والتي تتسم بتوالي الأزمات وترابطها ولاسيما الأمنية منها، وثانيا لكونه يعكس تطورا واضحا للإرهاب في القارة الإفريقية وخاصة هذه القدرة التي يكتسبها في استغلال كل المآسي التي تتحول إلى عوامل مغذية له مثل عدم الاستقرار وانعدام الأمن والهشاشة والانفصال.
و شدد الوزير على أن المؤشرات الأمنية في القارة تتحول إلى اللون الأحمر الواحد تلو الآخر، مضيفا أن هذا الواقع تعكسه الحصيلة العملية المتباينة لخطة عمل الاتحاد الإفريقي بشأن منع ومكافحة الإرهاب المعتمدة في 2002.