شكلت المساعدات الإنسانية، بمختلف أشكالها، أحد أهم أنواع التضامن المغربي مع الشعب الفلسطيني، وهو تضامن فعّال وفعلي بعيدا عن المزايدات اللفظية، وهو تقليد عريق دأب عليه المغرب، وكان المغرب دائما سباقا لكل ما يتعلق بالفلسطينيين، وكانت مواقفه واضحة منذ اليوم الأول للحرب، باعتبارها عدوانا على شعب أعزل وممارسة للعنف المفرط خارج القوانين الدولية وانتهاك لكل الأعراف الإنسانية، وتميز الموقف المغربي بالوضوح التام في هذا السياق، وطالب في أكثر من مرة من وقف العدوان، ولم يسميه غير العدوان.
وكان المغرب قد أرسل يوم 12 مارس الماضي شحنة مساعدات إنسانية من المغرب للفلسطينيين في غزة، دخلت القطاع المحاصر عبر طريق بري، في أول مرة يستخدم فيها معبر كرم أبو سالم الحدودي من إسرائيل لتمرير مساعدات منذ بدء الحرب.
وكانت 40 طنا من المساعدات جرى تسليمها بالشاحنات إلى شمال غزة عبر طريق تمكنت المغرب بقيادة جلالة الملك من تأمينه .
وفي 23 أكتوبر الماضي أرسل المغرب، بتعليمات من جلالة الملك محمد السادس، طائرتين عسكريتين محملتين بمساعدات إنسانية عاجلة لفائدة السكان الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، وذلك في إطار التزام المغرب الراسخ تجاه القضية الفلسطينية، وتجسيدا للعناية التي يوليها جلالة الملك محمد السادس للقضية بصفته رئيس لجنة القدس. ولا يمكن حصر المساعدات التي يتم تقديمها عن طريق بيت مال القدس، التي تعتبر كبيرة جدا.
وأهم شيء في المساعدات التي قدمها المغرب لسكان غزة، ضحايا الحرب التي تشنها إسرائيل بلا هوادة ضد الفلسطينيين، (أهم شيء) هي أنها أول مساعدات دولية تصل عبر البر خارج اتفاقات الهدنة بين إسرائيل وحماس، مما يؤكد العمق التاريخي الذي يمتلكه جلالة الملك محمد السادس، وقدرته على إحداث ثغرة في جدار الصمت والحصار المضروب على الفلسطينيين، بالضفة وقطاع غزة والقدس، في إطار “حرب الجوع”، التي تشنها إسرائيل.
لكل دولة مخرجاتها ولكل قيادة أدواتها، ولا يهم كيف تم إحداث هذه الثغرة المهمة الإنقاذية، لكن يهم أن فلسطين لدى المغاربة ملكا وشعبا قضية وطنية ولا يمكن أن يزايد عليهم أحد في هذا الموضوع، مهما كان ومن أي صنف كان، إذ لم يتمكن أحد ليوم الناس هذا من إدخال مساعدات عن طريق البر، في وقت أكدت المساعدات التي يتم إنزالها من الجو عدم جدواها، بل قتلت بعض المواطنين، كما أنها لا توزع بطريقة سليمة.
فالمغرب كان أول من فتح طريقا بريا غير مسبوق منذ اندلاع المواجهات المسلحة والمساعدات المغربية يتم إيصالها عبر طريق بري مباشر، الشحنة التي حملتها الطائرات المغربية إلى مطار بن غوريون تم إيصالها إلى غزة عبر الطريق البري فإلى حدود الساعة كانت المساعدات تمر سواء من مصر عبر رفح، أو يتم إسقاطها جوا بواسطة طائرات.
وينبغي التأكيد على أن جلالة الملك تمكن من تحقيق ما عجزت عنه القوى الكبرى. بلدان أخرى لم تتمكن من استعمال هذا الطريق مما يؤكد المصداقية التي يتمتع بها المغرب والثقة التي تمنحها مبادراته الإنسانية.
وإن كنا ننسى شيئا ونحن نتحدث عن هذا الموضوع لا ينبغي أن ننسى أن جلالة الملك تكفل بجزء كبير من المساعدات من ماله الخاص، للتأكيد على المكانة التي تحظى بها القضية الفلسطينية لدى جلالته.