تواجه مبادرة تشكيل لجنة استطلاعية برلمانية في مجلس النواب المغربي عقبات مسطرية وتنظيمية، وذلك في ظل تقدم الفريق الحركي منذ شهر فبراير الماضي بطلب لتشكيل لجنة مماثلة في الموضوع نفسه، دون تلقي رد رسمي من الجهات المعنية. وتزيد هذه الوضعية من تعقيد المسار المؤسساتي، لا سيما في ظل تنصيص النظام الداخلي للمجلس على ضرورة التنسيق بين الفرق النيابية في حال تعدد المبادرات الاستطلاعية حول الملف نفسه.
ووفقاً للمقتضيات التنظيمية، فإن إحداث لجان استطلاعية برلمانية يظل رهيناً بموافقة مكتب المجلس، إضافة إلى احترام مبدأ التمثيلية النسبية، ما يفتح الباب أمام إمكانية تعطيل هذه المبادرة سواء من خلال رفض ضمني داخل المكتب أو عبر امتناع فرق المعارضة عن تعيين ممثليها في اللجنة، الأمر الذي قد يُفقد المشروع شرط التوازن التمثيلي.
وتبرز هذه الإشكالية في سياق محاولة فرق الأغلبية الدفع بتشكيل لجنة استطلاعية جديدة، تعنى بمتابعة تدابير دعم استيراد المواشي واللحوم الحمراء، وهو ما يصطدم بطلب سابق تقدم به الفريق الحركي يروم التحقيق في نفس الملف، والذي لم يلق إلى اليوم تجاوباً يُذكر من قبل مكتب المجلس.
وكان الفريق الحركي، في وقت سابق من فبراير، قد وجه مراسلة إلى رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية، مطالباً بإحداث مهمة استطلاعية مؤقتة للوقوف على “الاختلالات التي يعرفها قطاع تسويق اللحوم الحمراء في المغرب، بما في ذلك غياب آليات لضبط الأسعار، وتعدد الوسطاء، واستمرار ارتفاع الأسعار رغم الإجراءات الحكومية”، حسب ما ورد في نص الطلب.
وارتكز الفريق في مبادرته على المادة 142 من النظام الداخلي، حيث أرفق طلبه ببطاقة تقنية توضح المحاور الأساسية للمهمة، من بينها تتبع مراحل إنتاج واستيراد وتوزيع اللحوم، بالإضافة إلى الوضعية الراهنة للقطيع الوطني، ورؤية تحقيق الاكتفاء الذاتي على المدى المتوسط.
وشملت اللائحة المقترحة للجهات المعنية بالمهمة الاستطلاعية عدداً من القطاعات الوزارية، في مقدمتها وزارة الفلاحة والصيد البحري، ووزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة الصناعة والتجارة، فضلاً عن الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
وفي تطور متزامن، أطلقت فرق الأغلبية بمجلس النواب – ممثلة في كل من التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، الاستقلال، والفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي – طلباً جديداً لتشكيل لجنة استطلاعية برلمانية للوقوف على مدى نجاعة برامج دعم استيراد الأبقار واللحوم الحمراء، مع التشديد على البعد الاجتماعي لهذا التحرك في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار اللحوم وتأثيره على القدرة الشرائية للمواطنين.
وتتزامن هذه المبادرات مع مساعٍ من المعارضة البرلمانية لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الملف ذاته، حشدت دعم كل من الفريق الاشتراكي، والتقدم والاشتراكية، والعدالة والتنمية، ما ينذر بتقاطع المبادرات وتنازعها داخل البرلمان، ويجعل من ملف استيراد المواشي واللحوم ساحة جديدة لتجاذبات الأغلبية والمعارضة.