تامسنا مدينة بكامل المواصفات لكنها تحت رعاية جماعة قروية، هي سيدي يحيى زعير. هذه المدينة من المدن التي أرادها جلالة الملك محمد السادس وقبله والده المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني، مدينة غير مضغوطة بالتجارة والأشغال، ولكن مدينة للراحة، بينما تم تعزيزها ببنيات كثيرة ومنطقة صناعية على امتداد 17 هكتارا. يعني مواصفات المدينة الجديدة، التي تنفصل فيها المساكن عن الشغل.
عندما قرر جلالة المغفور له الحسن الثاني تأسيس مدن مدارية كان يحلم بمعالجة إشكالات المدن الهجينة، حيث في وقت من الأوقات أضحت المدن المغربية خليطًا من التمدن والبداوة، فبعد موجات من الهجرة القروية نحو المدن، عقب فترات من الجفاف، فقدت المدن طابعها الحضري، وليس هناك من حل لهذه القضية سوى بناء مدن بمواصفات حديثة.
مدينة تامسنا تدخل في السياق، فقد تم تدشين مدينة كبيرة، وهي اليوم تضم نسبة كبيرة من الساكنة، تفوق 50 ألف مواطن، بعد بناء أكثر من 23 ألف سكن، كما أعطى جلالة الملك انطلاقة بناء مدينة صناعية كبرى، تكون أرضية لانطلاق المشاريع الصناعية المهمة، وقاعدة لجلب الاستثمارات، ناهيك عن مشاريع اقتصادية خاصة لبعض المستثمرين.
لكن مع كل ذلك فهذه المدينة، التي لها كامل مواصفات المدينة، ما زالت تحت رعاية جماعية سيدي يحيى زعير القروية. وقبل فترة قصيرة عرف المغرب الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية، وقبيل الانتخابات يتم الإعداد لها عبر تعديل القوانين الانتخابية، وعلى رأس التعديلات التي تقع: التقطيع الانتخابي.
لكن للأسف الشديد التقطيع الانتخابي لم يصل إلى هذه المدينة، ويجعل منها مجلسا ترابيا بلديا، وتركها تابعة لجماعة قروية، وهي ظاهرة بل سابقة لا توجد في بلدان العالم، أن تكون مدينة كاملة المواصفات تابعة لجماعة قروية.
لا يعني بتاتا هذا أن الأمر يتعلق بالتقليل من شأن الجماعات القروية، ولا يعني تبخيس دورها في تفعيل التنمية القروية، ولكن المنطق يفرض أن الجماعة القروية ذات ميزانية ضعيفة مقارنة بميزانيات المدن، وبالتالي فإن هذه الجماعة لن تستطيع تحمل تبعات وجود مدينة تابعة لها، التي لا يمكن إنجاز أي مشروع داخلها إلا إذا مولته جهات أخرى كمجلس الجهة أو مجلس العمالة أو الإقليم، بينما الجماعة تعاني من الخصاص.
من سلبيات تبعية مدينة للجماعة القروية، أن هذه الأخيرة ليست لها القدرة على تأمين الكهرباء العمومية في كل المدينة، لأن الأمر يتطلب غلافا ماليا ضخما كما يتطلب تقنيين أكثر وهو الشيء الذي لا تستوعبه قدرات الجماعة بما أنها من الجماعات الصغيرة.
فالمنطق يفرض اليوم حلا واحدا من اثنين، إما إلحاق مدينة تامسنا بإحدى الجماعات الترابية أو المقاطعات بالرباط، وستعاني هنا من مسألة البعد الجغرافي، أو جعلها جماعة ترابية حضرية، مثلما كان الشأن بالنسبة لسلا الجديدة، التي تطلب بناؤها وضع عمالة وأمن إقليمي ومرافق وغيرها كي تحافظ على طابعها وهدفها الذي من أجله تم تأسيسها.