في قلب العاصمة المغربية الرباط، وعلى مدى أربعة أيام من التبادل المهني والنقاش العميق، عاش المئات من الصحافيين القادمين من مختلف بقاع العالم تجربة لا تُنسى.
المؤتمر السابع والثمانون للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية لم يكن مجرد حدث روتيني في أجندة الاتحاد، بل تحوّل إلى لحظة فارقة، طبعتها الجودة، والانفتاح، والرؤية.
الجمعة 16 ماي، أُسدل الستار على فعاليات المؤتمر بجلسة ختامية حماسية، طُرحت فيها خلاصات الأيام الماضية، واستُعرضت أهم محاور العمل، قبل أن يُفتح باب التصويت لاختيار المدينة التي ستستقبل النسخة المقبلة.
بين سيول الكورية ولوزان السويسرية، مال ميزان الأصوات بوضوح لصالح هذه الأخيرة، لأسباب لوجستية وتاريخية، أبرزها موقعها الاستراتيجي واحتضانها لمؤسسات رياضية عالمية.
الجلسة لم تخلُ من لحظات شد وجذب. بعض النقاط أثارت نقاشًا حادًا، خاصة حول الجانب المالي وبرامج التكوين، لكن الأجواء سرعان ما عادت إلى مسارها الطبيعي، وسط تأكيد الحاضرين على أهمية النقاش الحر في خدمة المهنة.
الوفد الكوري، رغم خسارة التصويت، عبّر عن روح رياضية عالية، وأعلن دعمه للمدينة المختارة، مما منح الجلسة لمسة من النضج والاحترام المتبادل.
الرباط لم تُضف فقط لمسة تنظيمية ناجحة، بل أثرت المؤتمر بمضامين نوعية. من القضايا الكبرى التي طُرحت: التحديات التي تواجه الصحفيات الرياضيات، وصعود الذكاء الاصطناعي في الإعلام، وأيضًا خطر المراهنات غير القانونية التي تتهدد مصداقية الرياضة.
وكان من أبرز محطات المؤتمر، إطلاق “نداء الرباط”، الذي دعا فيه المشاركون إلى تعبئة دولية لمواجهة هذه الظاهرة، مؤكدين أن الصحافة مطالبة اليوم بلعب دورها كمراقب وكشريك في إصلاح البيئة الرياضية.
المؤتمر، المنعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أبان عن قدرة المغرب على احتضان تظاهرات من هذا الحجم بكفاءة عالية. شهادات الوفود لم تتوقف عن الإشادة: تنظيم دقيق، استقبال دافئ، وحسن تدبير جعل من هذا الحدث لحظة مشرفة للقارة الإفريقية.
وفي لحظة الوداع، لم يكن أحد يغادر دون أن يلتفت مرة أخيرة نحو قاعة المؤتمرات أو يتبادل كلمات الشكر مع المنظمين.
الرباط كتبت صفحة ذهبية في سجل الصحافة الرياضية العالمية، والوجهة القادمة: لوزان، على وعد بأن يستمر النقاش، وتتجدد اللقاءات، لكن ذكرى المغرب ستبقى في القلوب.