أكد رئيس مجلس المستشارين المغربي، السيد محمد ولد الرشيد، أن البرلمان المغربي، وبمختلف مكوناته، بات يشكل إحدى الركائز الأساسية في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية، من خلال ما وصفه بـ”دبلوماسية برلمانية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي فعال”، قادرة على المساهمة في كسب المزيد من الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وتوسيع قاعدة الدعم لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وعملي للنزاع الإقليمي المفتعل.
وجاء ذلك خلال افتتاح الندوة الوطنية التي احتضنها مجلس المستشارين اليوم بالعاصمة الرباط، تحت شعار: “البرلمانالمغربي وقضية الصحراء: نحو دبلوماسية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي فعال”، بحضور ممثلين عن الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والمجتمع المدني، إلى جانب أكاديميين وخبراء في الشأن الدبلوماسي والقانوني.
شراكة استراتيجية مع التوجه الملكي
وشدد ولد الرشيد على أن مجلس المستشارين يترجم التوجيهات الملكية السامية، وخاصة ما ورد في خطاب جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة، بشأن ضرورة اضطلاع البرلمان بأدواره في معركة الترافع من أجل مغربية الصحراء، قائلاً: “بادر المجلس إلى تفعيل آلية مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة، لأول مرة منذ إحداثها، من أجلتقديم الاستشارة وتعزيز الموقع البرلماني ضمن منظومة الدفاع عن القضية الوطنية.”
كما أوضح أن هذه الدينامية تندرج ضمن رؤية استراتيجية لتعزيز تماسك الجبهة الداخلية، ومأسسة العمل البرلماني المتعلق بقضية الصحراء، خاصة في ظل التحولات الدولية والإقليمية التي تشهدها هذه القضية.
مكاسب دبلوماسية وازنة
وأشار رئيس مجلس المستشارين إلى أن المقاربة المغربية، بقيادة جلالة الملك، انتقلت إلى منطق المبادرة والاستباق، ما مكن المملكة من تحقيق مكاسب دبلوماسية معتبرة، تجسدت في دعم متزايد لمبادرة الحكم الذاتي، من قِبل قوى دولية كبرى كواشنطن وباريس ومدريد، فضلاً عن دول إفريقية وعربية صديقة.
وتابع أن هذا الزخم الخارجي يجد صداه في جبهة داخلية موحدة، تتجسد في الإجماع الوطني حول مغربية الصحراء، مؤكداً أن هذا الانخراط الجماعي يمنح شرعية أكبر للمرافعة المغربية في المحافل الدولية، ويكرّس مصداقية النموذج التنموي الذي تبنته المملكة في أقاليمها الجنوبية.
التنمية مدخل لترسيخ السيادة
وفي هذا السياق، لفت ولد الرشيد إلى أن رؤية المغرب للدفاع عن وحدته الترابية لا تنحصر في الجوانب القانونية والدبلوماسية، بل تمتد إلى التنمية الميدانية والبنية التحتية الكبرى، قائلاً إن مشاريع استراتيجية مثل أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، والمبادرات الأطلسية، تؤكد على تحول الأقاليم الجنوبية إلى فضاء للتكامل الإفريقي والاستقرار الإقليمي.
كما اعتبر أن الدبلوماسية البرلمانية مطالبة بتأطير هذه المكاسب في سردية سياسية ودبلوماسية، تواكب جهود الدولة، وتُعرّف بالشروط الواقعية التي تجعل من الحكم الذاتي حلاً مقبولاً، قائماً على التوازن بين السيادة الوطنية واحترام الخصوصيات المحلية.
تعزيز الحضور البرلماني الخارجي
من جهة أخرى، أبرز ولد الرشيد أن مجلس المستشارين عمل على توطيد علاقاته مع الاتحادات البرلمانية الجهوية والإقليمية، وتنظيم مؤتمرات دولية وتوقيع مذكرات تفاهم في مدن من بينها العيون، حيث تم تبني إعلانات داعمة للوحدة الترابية للمملكة، وهو ما يعكس ما وصفه بـ”دور المغرب الريادي في القارة الإفريقية، وفي علاقاته جنوب-جنوب”.
توصيات منتظرة
وختم ولد الرشيد كلمته بالتأكيد على أن هذه الندوة الوطنية تشكل لحظة جماعية للتفكير والتخطيط، من أجل ابتكار أدوات جديدة للدبلوماسية البرلمانية، تكون قادرة على تعزيز فعالية الترافع المغربي، ودعم المواقف الرسمية للمملكة، والارتقاء بمستوى الأداء البرلماني في الدفاع عن القضية الوطنية الأولى.