بلغ عدد زوار الأبواب المفتوحة للأمن الوطني المقامة بأكادير 700 ألف زائر، وتوافد على فضاء الأبواب المفتوحة للأمن الوطني، منذ اليوم الأول، تلاميذ المؤسسات العمومية والخاصة، ومختلف الشرائح العمرية الراغبين في التعرف على أسلاك ووظائف الأمن الوطني، و تحت شعار “الأمن الوطني: مواطنة ومسؤولية وتضامن”، نظمت المديرية العامة للأمن الوطني هذه السنة النسخة الخامسة لأيام الأبواب المفتوحة، خلال الفترة الممتدة من 17 إلى 21 ماي الجاري، بفضاء المعارض بالطريق الوطنية بمدينة أكادير.
و حرصت المديرية العامة على أن يتزامن الافتتاح الرسمي لهذه التظاهرة مع تخليد الذكرى 68 لتأسيس الأمن الوطني، وهي المناسبة التي تميزت بإقامة حفل رسمي بالفضاء المعد لتظاهرة أيام الأبواب المفتوحة بمدينة أكادير، حضره إلى جانب كبار الشخصيات المدنية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية المغربية، وفود تمثل أجهزة الأمن والاستخبارات الداخلية بمجموعة من الدول الشقيقة وممثلي منظمات دولية تعنى بالتعاون الأمني الدولي.
و استضافت المديرية العامة للأمن الوطني خلال احتفالات ذكرى تأسيسها السنوية معالي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان، ومعالي رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية أنتربول الدكتور أحمد ناصر الريسي، ومعالي رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور عبد المجيد بن عبد الله البنيان، وأمين المجلس الأعلى للجامعة الدكتور خالد بن عبد العزيز الحرفش.
و تشرفت المديرية العامة للأمن الوطني بمشاركتها هذه الاحتفالات من قبل السيد فرانسيسكو باردو بيكيراس المدير العام للشرطة الوطنية الإسبانية، والسيد أوخينيو بيرييرو بلانكو المفوض العام للاستعلامات بالمملكة الإسبانية، والسيدة صوفي هات مديرة التعاون الدولي الأمني بوزارة الداخلية الفرنسية.
و شارك في هذه الاحتفالات، ضيفا على المديرية العامة للأمن الوطني، مجموعة من ممثلي قادة الشرطة والاستخبارات في الدول الشقيقة والصديقة، ونَخُص بالذكر الفريق محمد بن سعد السحيمي، مدير الدوريات بالأمن العام والفريق ناصر بن علي الصيخان وكيل رئيس أمن الدولة بالمملكة العربية السعودية، والفريق أحمد المهيري مدير العمليات المركزية بشرطة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وقد تميز هذا الحفل ببرنامج متنوع، انطلق باستقبال كبار ضيوف قطب المديرية العامة للأمن الوطني و مراقبة التراب الوطني من قبل الفصيلة الشرفية للأمن الوطني، قبل أن ينتقل الحضور لإجراء جولة بفضاء أيام الأبواب المفتوحة تلتها عروض شرفية قدمتها فرق خيالة الشرطة وفرق الكلاب المدربة للشرطة، ثم انتقل الحضور الكبير إلى المنصة الرسمية التي استقبلت هذه السنة حوالي 500 ضيف من مختلف القطاعات الحكومية والسلطات القضائية و العسكرية و القطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني والإعلام ، الذين لبوا دعوة المديرية العامة للأمن الوطني لهذا الحفل السنوي الجامع.
وانطلق هذا الحفل باستعراض كبير لمختلف فرق ووحدات الشرطة من مختلف التخصصات، يتقدمهم حملة الأعلام وفصيلة فوج عمداء وضباط الشرطة بالمعهد الملكي للشرطة، تلتها فصائل القوات الخاصة التابعة للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني والهيئة الحضرية وفرق السير والجولان وفرقة مكافحة العصابات، حيث تم عرض مختلف مركبات الشرطة وآليات التدخل والحماية والعمليات الخاصة، خصوصا تلك المختصة بتفكيك المتفجرات ومراكز القيادة المتنقلة وآليات مكافحة الشغب ومركبات التدخل والخفر ودوريات الشرطة.
وقد تميز هذا الحفل، بعرض النموذج المغربي من دورية “غيات” الذكية لأول مرة، وهي عبارة عن سيارة دورية ذكية يجري حاليا تجريب نسخة منها من قبل المديرية العامة للأمن الوطني، ودراسة إمكانية إدماجها ضمن منظومة العمليات الأمنية، وذلك في إطار اتفاقية شراكة تجمع بين الأمن الوطني المغربي وشرطة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية الشقيقة.
وتعتبر دورية “غيات” من أهم الدوريات العاملة في مجال الأمن ومكافحة الجريمة، والمصنعة خصيصاً للشرطة، وتم تدعيم هذه السيارة بأنظمة الذكاء الاصطناعي والتكامل الشامل مع قاعات القيادة والتنسيق والوحدات الشرطية الميدانية والمتنقلة، وهي تمتاز بتصميمها المميز إلى جانب صلابة هيكلها، كما تم دمج كافة كاميرات وأنظمة المراقبة ضمن المركبة أيضاً.
وتمتلك هذه السيارة قدرة هائلة على قراءة بصمة الوجه، كما يمكنها التعرف على المركبات المطلوبة، بالإضافة إلى امتلاكها نظاماً فائقاً في الاتصال والبث المباشر مع غرفة عمليات القيادة، كما تنفرد هذه الدورية بعرض عدة أنظمة أمنية ذكية في عشر شاشات تضيء مقصورتها الداخلية في آن واحد، ويمكن للدورية الأمنية المتطورة هذه أداء بعض العمليات المرورية كتحرير المخالفات المرورية وتخطيط الحوادث المرورية أيضاً.
كما شمل الحفل عرض مجموعة من الأفلام المؤسساتية التي أنتجتها المديرية العامة للأمن الوطني، وتضمنت لمحة موجزة عن تاريخ المديرية العامة للأمن الوطني منذ تأسيسها في 16 ماي 1956 إلى يومنا هذا، فضلا عن عرض فيلم تسجيلي عن الجهد العمومي الذي بذلته القوات العمومية خلال كارثة زلزال الحوز، وفيلم حول تمرين محاكاة لتدخل فرق القوات الخاصة التابعة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني من أجل تفكيك خلية إرهابية كانت تستعد لتنفيذ هجوم باستعمال جسم ناسف، وشريط يعرّف بالنموذج المغربي في تدبير التظاهرات الكبرى، وآخر يتضمن التقديم الرسمي لمنصة “إبلاغ” الرقمية، المخصصة للإبلاغ عن المحتويات الرقمية غير المشروعة على الأنترنيت.
و كشفت المديرية العامة للأمن الوطني في رحلة بواسطة فيديو عبر الزمن، انطلاقا من الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة أكادير سنة 1960، وعمليات البناء التي تكاثفت فيها سواعد المغاربة من مواطنين وقوات عمومية بشكل خلق معجزة وبعث أكادير عاصمة سوس من تحت الركام، مرورا بزلزال الحوز الذي ضرب مناطق الأطلس الكبير في سنة 2023، وشكل فرصة لتأكيد نموذج تضامن وتكاثف مغربي فريد، تجندت خلاله القوات العمومية والعسكرية كتفا لكتف مع المواطنين والفعاليات المجتمعية الوطنية من أجل إنقاذ الضحايا وإعادة مسار الحياة الطبيعي بشكل تدريجي.
و كشفت القوات الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والفرقة المركزية للتدخلات التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني على آليات مكافحة الإرهاب من خلال تمرين محاكاة مشترك، تقوم خلاله وحدات النخبة، وبشكل متزامن، بتنفيذ عملية نوعية لتفكيك خلية إرهابية وإجهاض عملية تفجير عبوة ناسفة في مكانين مختلفين، مدعومة خلال هذا التمرين بفرق متخصصة وعالية التجهيز تابعة للشرطة العلمية والتقنية وفرق الشرطة السينوتقنية.
و بمناسبة الذكرى 68 لـتأسيسها، تطلق المديرية العامة للأمن الوطني منصة “إبلاغ” الرقمية، وهي عبارة عن منصة تفاعلية تمكن مستعملي الفضاء الرقمي من الإبلاغ بشكل آني عن أية محتويات يتم تقاسمها على شبكة الأنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي، تتضمن تحريضا على ارتكاب جرائم إلكترونية واعتداءات جسدية أو إرهابية، وذلك في إطار يحمي المعطيات الشخصية للمبلّغ ويحافظ على سريتها.
و بصمت الشرطة المغربية على نموذج متميز ومتفرد في تنظيم مختلف التظاهرات الرياضية والاقتصادية والسياسية الكبرى التي تحتضنها المملكة المغربية، وهو النموذج الذي يستعرض هذا الفيديو جزء من مكوناته، التي تجمع بين احترافية فرق ووحدات الأمن الوطني في تنفيذ بروتوكولات الأمن والنظام، وبين التقدم والتطور في مجال التجهيز واستعمال أحدث التقنيات والتكنولوجيات خلال تدبير الأعمال النظامية الكبرى.
وإلى جانب هذه العروض السمعية البصرية، تضمّن الحفل عروضا حيّة قدمتها مختلف وحدات وفرق الشرطة، من بينها عرض الفرقة الرياضية التي قدمت لوحة تعكس الجاهزية البدنية والذهنية لموظفي الشرطة، وعروض لحملة السلاح مرفوقين بالفرقة الموسيقية، وعرض لفرقة الدراجيين ومحاكاة لاستعمال الأسلحة البديلة.
وتقدم المديرية العامة للأمن الوطني هذه السنة، السلاح البديل “Taser”، وهو عبارة عن مسدس صعق كهربائي، يستعمل لشل حركية الأشخاص في حالة اندفاع أو يرفضون الامتثال لعناصر الشرطة، مع المحافظة على سلامتهم الجسدية وحماية عناصر الشرطة من أي اعتداءات جسدية، وهو السلاح البديل الذي ينضاف إلى سلاح “BOLAWRAP”، الذي يتم استعماله حاليا من قبل دوريات الشرطة على الصعيد الوطني.
وقد تواصل هذا الحفل بتوشيح 23 من موظفي الشرطة العاملين والمتقاعدين، والذي أنعم عليهم الجناب الشريف، أسماه الله وأعز أمره، بأوسمة ملكية سامية، من بينهم أربعة موشحين بوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة وسبعة موشحين بوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الأولى و12 موشحا بوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الثانية، قبل أن يتم اختتام الحفل بعرض شاركت فيه 450 طائرة بدون طيار صغيرة الحجم، صنعت لوحات تجسد رموز المملكة، ورحبت بالحاضرين كما تمنت لهم زيارة موفقة لتظاهرة أيام الأبواب المفتوحة.
وهدفت نسخة هذه السنة من أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني مواصلة الرفع من جودة هذا الحدث التواصلي، الذي أضحى تمرينا سنويا تستعد له بجدية كافة مصالح الشرطة، من خلال بناء فضاء عرض مندمج، مجاني ومفتوح في وجه العموم، يقدم لوحة شاملة تعرّف بمختلف المهن والتخصصات الشرطية، ضمن قالب يجمع بين متعة التعلم والترفيه والتواصل بين موظفات وموظفي الشرطة والمواطنات والمواطنين من مختلف الفئات العمرية.
و خصصت المديرية العامة للأمن الوطني هذه السنة ضمن فضاء أيام الأبواب المفتوحة رواقا مركزيا متكاملا، يتضمن رؤية كاملة حول منظومة الشرطة العلمية والتقنية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، انطلاقا من التدخل للتعامل مع مسرح الجريمة مرورا عبر أروقة تتضمن شروحات مستفيضة مدعومة بعروض محاكاة حية لعمل مصالح المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية، من قبيل فحص السموم ومعالجة البصمات والخبرات الجينية وتحليل الآثار الرقمية واستغلالها.
ويعكس هذا الفضاء التطور الذي وصلت إليه الشرطة العلمية والتقنية التابعة للأمن الوطني، والتي تحمل منذ 2017 شهادة الجودة ISO 17025 عن مجمل أنشطتها في مجال الخبرات العلمية والتقنية، حيث ينقسم هذا الفضاء إلى جناح مركزي يتوسطه رواق الشرطة العلمية والتقنية ورواق محاكاة لمسرح جريمة، يسمح بتعريف الزوار بتقنيات وضوابط وأخلاقيات التعامل مع مسرح الجريمة، من خلال عروض تبرز استعمالات الوسائل التقنية الحديثة في استخلاص الأدلة والقرائن العلمية وحفظها وفق ضوابط مهنية صارمة تراعي المعايير الدولية المعمول بها.