كشف محللون، ” أن الاستغناء عن وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية السابقة، آرانشا غونزاليس لايا، خطوة أولى لتصحيح مسار العلاقات المغربية-الإسبانية، وشدد المحللون، على ” أن آرانشا غونزاليس لايا كانت تمثل عامل توتر في العلاقات المغربية-الإسبانية، وأن الاستغناء عنها يمكن تحليله على أنه خطوة أولى إذا كانت هناك إرادة لدى إسبانيا من أجل صياغة مبادئ أساسية لعلاقاتها مع المغرب، قائمة على الشراكة وحسن الجوار، وأضاف أن السلطات الإسبانية أرادت، بهذه الخطوة، “أن تتجه نحو تصحيح المسار الذي إذا استمر فسيزيد بالتأكيد من تآكل مكانة إسبانيا على المستوى الإقليمي”.
وسجل محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية ، أن إسبانيا هي المتضرر الأكبر من توتر العلاقات مع المغرب على المستويين الأمني والاقتصادي واعتبر ، أن هناك إشارات إيجابية تتمثل في كون الوزير الجديد خوسي مانويل ألباريس يعرف جيدا طبيعة العلاقات المغربية-الإسبانية، مما سيفتح الباب للتواصل بين البلدين.
و أكد محللون سياسيون إسبان أن وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية السابقة، آرانشا غونزاليس لايا، التي تمت تنحيتها السبت من حكومة بيدرو سانشيز، أدت ثمنا باهظا لقاء سلوكها غير المسؤول المتمثل في السماح بالاستقبال السري لزعيم انفصاليي “البوليساريو”، المدعو إبراهيم غالي.
وقال المحلل السياسي، ميغيل أنخيل بويول، إن غونزاليس لايا والحكومة الإسبانية اختارا نهج التعتيم والتحرك وراء ظهر المغرب، عبر تمكين مجرم حرب من الدخول غير المشروع إلى إسبانيا، مؤكدا أن الوزيرة السابقة لم تقس جيدا عواقب تصرفها العدائي إزاء المغرب.
وأوضح بويول في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عقب الإعلان عن إجراء تعديل حكومي واسع في إسبانيا هم سبع وزارات، أن رحيل غونزاليس لايا هو نتيجة مباشرة لقراراتها المتهورة وسوء إدارتها للأزمة مع المغرب، البلد الذي يفي على نحو كامل بالتزاماته في مجال التعاون وحسن الجوار مع إسبانيا، وبحسب بويول، فإن استقبال المجرم إبراهيم غالي وما انكشف في وضح النهار بشأن هذه القضية، لاسيما تقارير الجيش، يؤكد ارتكاب خطأ دبلوماسي فادح من طرف الحكومة الإسبانية التي فقدت ثقة شريك إستراتيجي ومخلص مثل المغرب، مشيرا إلى أن المعلومات التي نشرتها مختلف المنظمات أثبتت صواب المغرب.
و ألقى الأكاديمي والزعيم السابق للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني بجزر الكناري، رافاييل إسبارزا ماشين، اللوم على التصرف الهاوي الذي انتهجته غونزاليس لايا في تدبير العلاقات مع المغرب، وقال إسبارزا في تصريح مماثل “لا شك أن الأزمة التي تسببت فيها وزيرة الخارجية السابقة مع المغرب وإدارتها السيئة لهذه القضية، هما السبب الرئيسي وراء خروجها القسري من الحكومة”، فمن خلال سماحها في أبريل الماضي، بالدخول اللا مشروع للمدعو إبراهيم غالي إلى الأراضي الإسبانية بهوية مزورة، حتى يتسنى له الإفلات من العدالة الإسبانية، تكون غونزاليس لايا قد اقترفت خطأ لا يغتفر، والذي أكدته تقارير للجيش والدوائر المعنية، وشدد على أن “موقف غونزاليس لايا، التي يبدو أنها وقعت ضحية مناورة جزائرية، يشكل خيانة تترتب عنها عواقب وخيمة على العلاقات الثنائية”.
وكان الحزب الشعبي، الهيئة السياسية المعارضة الرئيسية بإسبانيا، قد طالب في بداية يونيو بالرحيل الفوري للوزيرة بسبب إدارتها “الكارثية” للأزمة مع المغرب و”انعدام التبصر” الذي أبانت عنه في قضية المدعو إبراهيم غالي.
آرانشا غونزاليس لايا، التي أظهرت انعدام نضج صادم، رسمت معالم واحدة من بين أكبر الفضائح الدبلوماسية في التاريخ بين الرباط ومدريد. أزمة غير مسبوقة أثارت الصدمة بحجمها، لكن وقبل كل شيء، بالدوافع التي حفزتها، والتي انتهت أخيرا بجعلها تفقد حقيبتها الوزارية، من الصعب شرح الكيفية التي قررت بها دولة أوروبية التوغل في حقل للألغام، عبر التضحية بمصالحها الخاصة ومصالح شعبها من أجل “الأعين الجميلة” لمجموعة انفصالية.
وفي سياق هذا النهج الطائش، فضلت السيدة غونزاليس لايا التضحية بعلاقة عريقة وإستراتيجية مع شريك موثوق به ليس هناك من داع لإثبات وفائه، من أجل زعيم عصابة من المرتزقة يوجه لها المجتمع الدولي أصابع الاتهام لتواطئها المثبت مع الإرهاب والتهريب بشتى صنوفه، لاسيما في منطقة الساحل والصحراء.
من كان يظن أن دولة مثل إسبانيا، التي عانت أكثر من غيرها ولا تزال تعاني من آلام الانفصال في كاتالونيا وبلاد الباسك على سبيل المثال، يمكن لها أن تنخرط يوما ما في لعبة قصيرة النظر، من خلال الاستقبال السري وبوثائق وهوية مزورة وجواز سفر جزائري مزيف لزعيم انفصاليي “البوليساريو” إبراهيم غالي، الذي تلاحقه العدالة الإسبانية على خلفية جرائم الاغتصاب وجرائم ضد الإنسانية ؟.
فمن خلال ارتكابها لهذا الفعل عديم الوفاء، نسيت وزيرة الشؤون الخارجية السابقة بأن المغرب يمتلك واحدا من بين أكثر أجهزة المخابرات كفاءة في العالم، والذي تحظى كفاءته بالاعتراف، لاسيما من قبل الإسبان أنفسهم، والذي كان على علم منذ الساعات الأولى بقضية بن بطوش وبالتواطؤ الإسباني.
فعندما تسربت القضية إلى الصحافة وانكشفت الفضيحة في وضح النهار، حاولت الوزيرة في البداية التغطية عليها، قبل اعترافها بضغط من الرأي العام، أن بلادها استقبلت بالفعل المدعو إبراهيم غالي، ولاحقتها بعد ذلك تصريحات الجيش التي أحالت بوضوح على مسؤوليتها في هذه القضية، ولم تستطع غونزاليس لايا أن تبرر أمام حكومتها والطبقة السياسية الإسبانية، أو للرأي العام، الأسباب التي دفعتها إلى التصرف بهذه الطريقة، لكن تنحيتها تأتي اليوم لتأكيد مدى مسؤوليتها في تدهور العلاقات الإسبانية-المغربية.