أعلن الداعية والفقيه المغربي المعروف الدكتور أحمد الريسوني، يوم الأربعاء 14 مايو 2025، تقاعده النهائي عن العمل الأكاديمي، منهياً بذلك مسيرة تدريس وبحث علمي امتدت لأزيد من خمسة عقود، توزعت بين المغرب، والخليج، ومؤسسات علمية إسلامية مرموقة.
وفي رسالة مؤثرة، كشف الريسوني أن آخر نشاط أكاديمي له كان مناقشة رسالة ماجستير بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، للطالب الجزائري هشام تبحار، مضيفاً: “بهذا أخرج – رغبة وطواعية – من طور التعاقد، وأدخل في طور التقاعد. وهذا هو التقاعد الطوعي الثاني لي.”
مسيرة علمية متعددة الحلقات
وكان الدكتور الريسوني قد تقاعد لأول مرة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط سنة 2005، بعد قبوله في برنامج التقاعد الطوعي، قبل أن يُستأنف مساره الأكاديمي خارج المغرب، خاصة في مشاريع علمية ذات بعد موسوعي.
وفي هذا السياق، تولى الريسوني منذ 2006 الإشراف على “موسوعة القواعد الفقهية” التابعة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، حيث تقلد مهاماً علمية متعددة انتهت بتوليه إدارة المشروع حتى نهايته عام 2012.
كما تنقل خلال العقدين الأخيرين بين مؤسسات جامعية مرموقة، منها جامعة حمد بن خليفة بقطر، وجامعة الشيخ زايد بالإمارات، ودار الحديث الحسنية بالمغرب، وجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، إلى جانب مشاركته كأستاذ زائر ومتعاون في عدد من الجامعات والمعاهد الشرعية.
من المحاكم إلى محراب الفقه
وبدأت المسيرة المهنية للدكتور الريسوني أواخر عام 1973، عندما عمل محرراً قضائياً بوزارة العدل، قبل أن ينتقل إلى محاكم سوق أربعاء الغرب ثم القصر الكبير، ومن بعدها يلتحق بسلك التعليم الثانوي، ثم العالي، فأصبح واحداً من أبرز الأصوات الفقهية في قضايا المقاصد والاجتهاد المعاصر.
ويُعتبر الريسوني من أبرز المنظرين في الفقه المقاصدي المعاصر، وسبق له أن ترأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كما يُعد من مؤسسي حركة التوحيد والإصلاح المغربية، وأحد المرجعيات الفكرية في الحقل الدعوي والسياسي الإسلامي بالمغرب وخارجه.
تكريم علمي في الدوحة
وبمناسبة تقاعده من جامعة قطر، أقامت الكلية، الأسبوع الماضي، حفل وداع حضره عميد الكلية الدكتور إبراهيم الأنصاري وزملاؤه في قسم الفقه والأصول، في اعتراف علمي بمسيرة فقيه ترك بصمته في التدريس والبحث والفتوى لعقود.
وإذ يطوي الريسوني اليوم صفحة العمل الجامعي، فإن مسيرته تظل حاضرة في العديد من المؤلفات والبحوث، كما يحتفظ بحضور مؤثر في الجدل الفقهي والفكري داخل العالم الإسلامي، لا سيما في قضايا الاجتهاد والحداثة والمقاصد الشرعية.