لا يعنينا في هذه الافتتاحية موقف الحزب الاشتراكي الفرنسي من قضية الإقرار الرئاسي بصوابية الحكم الذاتي، وأنه الحل الوحيد الممكن لنزاع الصحراء المفتعل، وفق رسالة إيمانويل ماكرون لجلالة الملك محمد السادس، بمناسبة عيد العرش المجيد، وهو الموقف المتخلف عن ركب التطورات العالمية، والذي يمتح من مخلفات الحرب الباردة، قلنا لا يعنينا هذا الموقف، ولكن ما يعنينا هو دور اليسار المغربي في التواصل مع نظرائه، وهو الأمر نفسه الذي نطرحه على اليمن والوسط والإسلاميين إن كان طبعا تصنيفهم يخرج عن التصنيفات السابقة.
قد تكون وراء الموقف غير الواضح للاشتراكيين الفرنسيين خلفيات متعددة، مثل البقاء والاستمرار على مواقف الحرب الباردة المتهالكة، أو هي مواقف مصلحية، أو سوء تقدير وفهم، وهذا وارد في كثير من الأحيان، بالنظر لسوء التواصل بين الأحزاب المغربية ونظرائها في العالم.
الدولة ليست مسؤولة عن التواصل مع الأحزاب السياسية سواء كانت يسارية أو يمينية أو وسطية أو غيرها، إلا بما هي تشكل حكومات بلادها وتقود بلادها، بمعنى أن الدولة تتواصل مع نظيراتها، لا مع التنظيمات السياسية.
الدولة الفرنسية كانت في الغالب متأرجحة بين اليمين واليسار، وفي الغالب الأعم لما تكون السلطات بيد اليسار، كانت تقع توترات فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية، وقد كان الأمر مفهوما، وقد أجاب عنه جلالة المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني، عندما قال “إن الاشتراكيين يتحركون كمعسكر بينما الليبراليين يتحركون كنادي”، لكن هذه المفاهيم تم تجاوزها بعد سقوط جدار برلين.
بمعنى أننا نتحدث عن أمر قديم، ونتحدث عن سقوط جدار برلين، لكن جدار الصمت الحزبي المغربي لم يسقط، حيث يقومون بكل شيء إلا التواصل مع نظرائهم من الأحزاب السياسية الأخرى في بلدان العالم، وهذا دور الأحزاب.
نتساءل اليوم عن دور اليسار المغربي في الأممية الاشتراكية، فليست العبرة بتولي منصب أو إثنين في هذا التنظيم الدولي، ولكن العبرة بالنتائج التي يتم تحقيقها، وهنا تختلف الرؤية للنتائج، فمن يبحث عن نتيجة لحزبه فقد حققها، لأن تولي المناصب الدولية يحقق رأسمالا رمزيا، يمكن تصريفه وتحويله إلى رأسمال مادي، بتعبير بيار بورديو، لكن لا توجد نتيجة لفائدة البلاد.
عمل الأحزاب السياسية دوليا يندرج ضمن خانتين، الأولى تطوعية نضالية، فمن دور المواطن المغربي، مهما كان موقعه أن يدافع عن قضايا بلاده، وبما أن الأحزاب السياسية توفر فرصة التلاقي العالمي، فدور المناضل الحزبي أكبر وأعلى، لأنه يتوفر على الأدوات التي لا تتوفر للمواطن العادي، وثانيا لأن الأحزاب السياسية، تحصل على كتلة مهمة من المال العام، فمن العيب ألا يكون لها دور في إقناع نظرائها.
ليس في الأمر تنقيص من اليسار لأن المجتمع والتاريخ هو من يحكم على عمله، ولكن أردنا بهذا المثل أن نقول بأن الأحزاب، من مختلف التيارات، مقصرة جدا في القيام بدورها فيما يتعلق بالتواصل مع نظرائها.