بدت مؤشرات توجه حزب الاستقلال نحو الخروج من حكومة عزيز أخنوش واضحة، على إثر ارتفاع حدة العتاب للتدبير الحكومي بخصوص تنزيل جواز اللقاح وغياب الحوار والتواصل قبل إعتماد القرار الأخير في حالة الطوارئ الصحية، والتباين في المواقف بين حزب الاستقلال و الحكومة بخصوص ملف تعاقد الأساتذة أو أطر الأكاديميات، حيث صرح مضيان رئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب على أن الاستقلال لن يتخلى عن المتعاقدين في حين خرج الوزير المكلف بالميزانية ليؤكد ان الحكومة انهت ملف المتعاقدين ولا حل لديها سوى التعاقد قل ان يكشف عن توجه حكومي جديد في التعاقد بالقطاع الصحي.
و كانت تصريحات وزراء في حكومة أخنوش، بخصوص ملف الأساتذة المتعاقدين، كشفت عن تناقض حكومي، وتباين في مواقف حكومية، كما أظهرت التصريحات غياب الانسجام الحكومي، فبينما قال شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن ” ملف إدماج الأساتذة أطر الأكاديميات مازال مفتوحا، والجواب الملائم سيكون نهاية الشهر المقبل، بعد سلسلة تداولات هادئة للموضوع”، قال فوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، خلال رده على مداخلات الفرق النيابية بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب حول مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، أنه “إذا كان موضوع موظفي أطر الأكاديميات يطرح إشكالا، فإن هناك أكثر من 100 ألف موظف آخر في أكثر من 200 مؤسسة عمومية يشتغلون بالمنطق نفسه”.
واعتبر بنموسى، أنه لا يمتلك عصا سحرية لحل النقاش بشكل فوري، في حين دافع فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد المالية المكلف بالميزانية، عن استمرار الحكومة في اللجوء إلى التوظيف الجهوي أو ما يسمى بـ”التعاقد” في قطاع التربية الوطنية.
وأكد الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد المالية المكلف بالميزانية أن هناك موظفون مغاربة يشتغلون في مؤسسات عمومية ويحصلون على أجورهم من تلك المؤسسات، وليس لهم رقم تأجير مركزي، وقال ” إذا كان التوظيف في المؤسسات العمومية يطرح إشكالا، فيجب أن نطرح الأمر للجميع، ولا نتكلم فقط على التربية والتكوين، لأن العاملين في قطاع التربية والتكوين أصبح لهم نظام أساسي منذ سنة 2018، ويحصلون على أجورهم من الأكاديميات وفق منظور جهوي”، متعهدا بالعودة إلى شرح أسباب لجوء الحكومة السابقة إلى التوظيف عبر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، حيث كشف لقجع، أن تكلفة أجور موظفي المؤسسات العمومية تصل إلى 20 مليار درهم، يتم تحويلها إلى المؤسسات العمومية من أجل تأدية الأجور”.
وكان حزب التقدم والاشتراكية، شدد على أن الحكومة أخلت بالتزامها السياسي والأخلاقي مع الأساتذة المتعاقدين، حيث خصصت 15 ألف منصب شغل للأكاديميات لتوظيف الأساتذة، وهو ما يناقض الوعود التي حملتها بعض مكوناتها في الحملة الانتخابية، حيث أشار رشيد حموني رئيس الفريق البرلماني للحزب، خلال استكمال مناقشة مشروع قانون مالية 2022 بمجلس النواب، أن الحكومة تخلت عن وعودها بإدماج الأساتذة المتعاقدين في سلك الوظيفة العمومية، وأضاف ” اتضح أن إدماج الأساتذة المتعاقدين كان مجرد شعار انتخابي وبيع للوهم لهذه الفئة، والأكثر من ذلك تغامر بقطاع حساس يتطلب الاستقرار الاجتماعي والنفسي لهيئة التدريس”.
وأوضح حموني، أن الإصلاح المبتغى في قطاع التعليم محوره الأساسي هو المدرس، وأي إصلاح لا يضع بعين الاعتبار الموارد البشرية لا يمكن أن ينجح، ولفت إلى أن عملية الاعتماد على الأساتذة المتعاقدين في التعليم نتج عنها 102 ألف أستاذ منذ انطلاق العمل بالتعاقد في في سنة 2017، فيما وصل عدد المتقاعدين في القطاع إلى ما يناهز 74 ألف خلال نفس الفترة، دون احتساب المتوفين والذين يتعرضون إلى عقوبة العزل، علاوة أن 17 في المائة من الفئة العمرية بالقطاع يتراوح عمرها ما بين 40 و 45 سنة، وما يصل إلى 15 في المائة يتراوح عمرها 45 و 50 سنة، وما يزيد عن 39 في المائة يتجاوز عمرها 50 سنة.
وشدد حموني على أن هذه المعطيات الرسمية تدل على الانهيار المرتقب في قطاع التربية الوطنية، خاصة وأن الحكومة تراهن على جودة المدرسة العمومية، مؤكدا أن مدرسة الجودة وتكافؤ الفرص كما ترددها الحكومة طموح كبير جدا ويصطدم بمشاكل بنيوية تتجاوز الحلول السطحية والترقيعية تجريبها في أبناء الطبقات الشعبية والفقيرة.