في تطور لافت ضمن مسار العلاقات العربية البينية، دعا “الحزب السوري الحر” القيادة السورية الجديدة إلى اتخاذ خطوات دبلوماسية أكثر وضوحاً تجاه دعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وذلك عبر الاعتراف الكامل بسيادة الرباط على أقاليمها الجنوبية وتصنيف جبهة البوليساريو كـ”تنظيم إرهابي”.
الدعوة جاءت في رسالة مفتوحة وجهها رئيس الهيئة التأسيسية للحزب، فهد المصري، إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، أعرب فيها عن ترحيب الحزب بإغلاق مكاتب الجبهة الانفصالية في سوريا، في خطوة وصفها بـ”الشجاعة”، مؤكداً أن هذا القرار يمهد لتصحيح العلاقات السورية – المغربية بعد عقود من التوتر.
خلفيات متشابكة
الرسالة ربطت بين نشاط البوليساريو ودور إيراني مزعوم، مشيرة إلى “علاقات وثيقة” بين الجبهة والحرس الثوري الإيراني، الذي يتهمه الحزب بلعب أدوار عسكرية في ساحات النزاع الإقليمي، وعلى رأسها سوريا.
وقال فهد المصري إن البوليساريو “أداة استخدمتها طهران ضمن شبكة ميليشياتها العابر للحدود”، داعياً إلى وضعها على لائحة المنظمات الإرهابية في سوريا، إلى جانب كيانات أخرى اتهمها بالمشاركة في النزاع السوري.
تناغم مع التحول العربي
وفي إشارة إلى المسار العربي المتسارع نحو دعم السيادة المغربية، شدد الحزب على أن اعتراف دمشق بسيادة الرباط يمثل “انسجاماً مع التوجه الإقليمي والدولي”، مذكراً بمواقف الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول العربية والخليجية التي عبرت بوضوح عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي تحت السيادة الوطنية.
واعتبرت الرسالة أن اتخاذ هذه الخطوة سيكون “تعبيراً عن الحكمة والبراغماتية السياسية”، كما يتيح تجاوز إرث التوتر في العلاقات الثنائية، الذي تراكم منذ قطع العلاقات المغربية – السورية سنة 2012 على خلفية الأزمة السورية.
دعم متبادل للسيادة
البيان الصادر عن الحزب السوري الحر ربط بين موقف دمشق من وحدة المغرب الترابية، ومبدأ دعم وحدة أراضي الدول العربية عامة، قائلاً إن “الاعتراف بسيادة الرباط على صحرائها يقوي مطلب دمشق باستعادة سيادتها على أراضيها كافة”، خصوصًا في ظل استمرار تدخل قوى خارجية ونشاط جماعات انفصالية على الأراضي السورية.
وفي سياق متصل، أشار الحزب إلى النقاش الدائر داخل الكونغرس الأمريكي بشأن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية، داعياً الحكومة السورية إلى “الانخراط في هذا التوجه” بما يعكس تحوّلًا في الخطاب السوري الرسمي تجاه التنظيمات المسلحة غير المعترف بها دوليًا.
نحو شراكة استراتيجية
الرسالة لم تكتفِ بالجوانب السياسية، بل تضمنت دعوة صريحة إلى الاستفادة من التجربة المغربية في مجال إعادة الإعمار، والإدارة الترابية، والتأهيل المؤسسي، معتبرة أن “الرباط تمتلك خبرة نوعية في الإصلاح الأمني والحوكمة المحلية”.
وختم فهد المصري رسالته بالتأكيد على أن تعزيز العلاقات مع المغرب “ليس خيارًا رمزيًا، بل ضرورة جيوسياسية ضمن مسار تطبيع سوريا مع محيطها العربي، واستعادتها لدورها في المنطقة”.
مواقف لم تُحسم رسمياً
حتى الساعة، لم تصدر تصريحات رسمية عن الحكومة السورية الجديدة بشأن هذا المقترح، لكن مراقبين يرون أن القرار بإغلاق مكتب البوليساريو في دمشق كان إشارة سياسية إلى بداية إعادة تقييم المواقف السابقة، في وقت تعمل فيه دمشق على توسيع دائرة علاقاتها الخارجية بما يتماشى مع تطورات المرحلة الراهنة.
ويأتي هذا المقترح في وقت تزداد فيه التحركات الدبلوماسية المغربية في إفريقيا والشرق الأوسط دعماً لمبادرة الحكم الذاتي، وتزايدت في المقابل الدعوات لعزل البوليساريو على المستوى الدولي باعتبارها طرفًا خارج الإجماع العربي.