في ختام جولته الخليجية الأولى منذ بداية ولايته الثانية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من العاصمة الإماراتية أبوظبي، الجمعة 16 مايو ، عن سلسلة اتفاقات تاريخية شملت صفقات بمئات المليارات، وانفراجاً دبلوماسياً مفاجئاً تجاه سوريا، وتفاؤلاً بإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، في جولة وصفتها مصادر دبلوماسية بأنها تمثل “نقلة نوعية” في علاقات واشنطن مع المنطقة.
وتميزت الجولة التي شملت السعودية وقطر والإمارات، بحفاوة رسمية استثنائية وعودة قوية للعلاقات الشخصية بين ترامب وقادة الخليج، بعد سنوات من التوتر خلال إدارة سلفه جو بايدن.
صفقات خيالية وتطبيع سياسي مفاجئ
من الرياض، حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أعلن ترامب عن توقيع صفقة تسليح تُعد الأكبر في التاريخ بقيمة 142 مليار دولار، فضلاً عن اتفاقيات استثمار بقيمة 600 مليار دولار تشمل مجالات الطاقة والتكنولوجيا والفضاء والدفاع، واستثمارات سعودية في مشاريع الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة بقيمة 20 مليار دولار عبر شركة “داتا فولت”.
لكن المفاجأة الأبرز تمثلت في لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع، في أول اجتماع من نوعه بين زعيمي البلدين منذ 25 عامًا، أعلن بعده رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، في مقابل دعوة صريحة من ترامب لـ”تطبيع سوري–إسرائيلي”.
وفي الدوحة، أعلن ترامب عن طلبية قياسية للخطوط الجوية القطرية بقيمة 200 مليار دولار لاقتناء طائرات “بوينغ”، كما لمح إلى “قرب التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران”، ما انعكس فوراً على أسواق النفط بانخفاض حاد في الأسعار.
أبوظبي… محطة الذكاء الاصطناعي والتعايش
في محطته الأخيرة، عقد ترامب جلسات عمل مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تركزت على التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، وأعلن خلالها عن شراكة استراتيجية جديدة بين البلدين، تشمل رفع القيود الأميركية عن تصدير أشباه الموصلات المتقدمة للإمارات.
وقالت مصادر مطلعة إن البيت الأبيض وافق على إلغاء قرارات تعود إلى عهد بايدن كانت ستقيد تصدير رقائق AI إلى المنطقة، وذلك بعد مباحثات رفيعة قادها مستشار الأمن الوطني الشيخ طحنون بن زايد في واشنطن.
وأعلن الشيخ محمد بن زايد أن بلاده ستستثمر 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي على مدى عقد، بينها اتفاقيات بقيمة 200 مليار دولار، أبرزها مشاركة “أدنوك” في مشروع ضخم للطاقة بقيمة 60 مليار دولار.
وقبل مغادرته، زار ترامب بيت العائلة الإبراهيمية في جزيرة السعديات، الذي يضم مسجداً وكنيسة وكنيساً، كرمزية لجهود التعايش الديني التي تحتضنها الإمارات منذ توقيع اتفاقات أبراهام سنة 2020، في خطوة عكست عودة ترامب إلى مشروعه الإقليمي الذي يقترن بالتطبيع، والسلام من بوابة الاقتصاد.
ردود وتداعيات
رغم الإشادة الرسمية الواسعة، أثارت الجولة انتقادات من معارضي ترامب في واشنطن، الذين اتهموا الرئيس الجمهوري بـ”استغلال موقعه لتحقيق مكاسب شخصية”، بعد أنباء عن هدية قطرية عبارة عن طائرة فاخرة عُرضت عليه قبيل زيارته.
لكن ترامب رد قائلاً إن “الولايات المتحدة لا تحصل على الهدايا، بل على الصفقات”، مؤكداً أن جولته “جلبت تريليونات الدولارات وفرص عمل لا تُعد”.