محمد عفري
الكلام يعني الجار ذا الجنب، الجزائر، واللهم لا شماتة..
بنفطها الغزير، هي البلاد العضو” المؤثر” في “أوبك”، وهي أكبر المنتجين والمصدرين للغاز، وهي نفسها التي، مع ذلك، لا تعرف مسلكا للأمن والاستقرار، ولا هي التي تظهر على شعبها نعمة خير هذا النفط والغاز، فتنساق يوميا إلى فقدان السّلم الاجتماعي، بل هي التي تواجه بذلك، يوما بعد يوم، مصيرا أقل ما يقال عنه، إنه خطير، لأن الأزمات المختلفة، وفي مقدمتها الاقتصادية، ما فتئت تتفاقم بها، ليس بسبب كورونا المستجد وتداعياته الخطيرة، على كل بلدان العالم، كما يدعي المسؤولون بها، ولكن بسبب سوء تدبير شأن الشعب الجزائري من طرف “القيادة” والحكومات المتعاقبة، منذ نهاية ما يعرف بـ”الحرب الأهلية” التي اندلعت بداية تسعينيات القرن الأخير، ودامت قرابة عقد، دون أن تستقيم جزائر اليوم على بصيص أمل من آمال الجزائريين ..
عن خانة الفقر، لا بد أن نذكر أن جزائر الغاز والبترول وعائداتهما الدسمة هي ضمن الدول التي تعرف تدنيا في الدخل الشهري والسنوي للفرد، وعلى الرغم من شراء ذمم العديد من المنظمات التي تُعنى بتقييم الدخول الفردية وتصنيفاتها لتنميق مراتبها، فإن البنك الدولي (جازاه الله) كشف المستور في آخر بياناته السنوية، حيث صنف الجزائر في ترتيب الدول، حسب مستوى الدخل، ضمن بلدان الشريحة الأدنى إلى جانب سيريلانكا والسودان، مع استمرار تراجع دخل الفرد فيها بنسب كبيرة، مشددا على أن جزائر البترول والغاز والتمور، انتقلت سلبا من خانة الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل إلى الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل..
لا دليل عن تصنيفها في خانة الفقر، إلا ما يجهر به جزائريون أحرار في إطار “شهد شاهد من أهلها” عن افتقادهم لأبسط ظروف العيش، في بلاد أنهك اقتصادَها واستعبد شعبَها تسلطُ مؤسسة العسكر بمختلف درجاتها. يضرب مواطن جزائري كادح مثلا فاضحا بالماء الذي جعل منه الخالق كل شيء حي، ليؤكد أن هذه المادة الحيوية الضرورية، تبقى من أكبر معاناة الشعب في نذرتها للشرب أولا، فما بالك، إن كان المطمح الاستحمام والاستجمام وباقي المآرب، ليُقفل هذا المواطن متسائلا، هل نحن في إطار الأحياء بماء مفتقد أم موتى ببترول وغاز دافقين، لكن غير نافعين إلا لعلية القوم. أما الكماليات في ” جودة العيش ” وفنّه، فيُلخصها ما تحدّث عنه البرلماني الجزائري الشهير الذي اعترف جهارا بافتقاده إلى نعمة تذوق الموز لمدة ثلاثين سنة..
في فقرها المدقع الذي أبانت عليه في مواجهة التصدي لجائحة كورونا، اتضح أن بترول الجزائر وغازها لم ينفعا حكامها “الأشاوس” في حسن التعاطي مع الوباء لحماية الشعب الجزائري، بما يليق، من التدابير والإجراءات التي افتقدت إليها في ظرفية حساسة، جعلت هذا الشعب الصبور يواجه الفقر، والموت أقرب من أن تفتك به ،من كل جانب، قبل أن يفتك به الجوع و الظمأ.
جزائر البترول والغاز لم تستحي وفعلت ما شاءت، وآخر الأفعال الشنيعة لحكامها، هو طرق باب التسول لجرعات من التطعيم المضاد لكورونا المستجد، في إطار برنامج المساعدة الدولية “كوفاكس” للحصول على مائتي جرعة، سيتم اقتطاعها من حصص برنامج منظمة الصحة العالمية لصالح الدول الفقيرة، في باب هذا الدعم المخصص .
جزائر جنرالات الحديد والنار، التي التزمت طابور المساعدة إلى جانب كوريا الشمالية وقطاع غزة تستجدي حفنة لقاحات لمواجهة كورونا تبقى دول فقيرة جدا في حاجة ماسة إليها، هي الجزائر التي يدعم جنرالاتها جبهة “البوليساريو” بالمال والعتاد والموارد البشرية والخطط الكيدية، بل هي الجزائر التي تعيش اليوم أكثر من أي وقت مضى، حراكا شعبيا كبيرا وخطيرا في جميع مدنها وأريافها، مطالبا بالتغيير، معبرا عن سخطه الكبير ضد سياسات التجويع والتفقير والتهميش، ولسان حال هذا الحراك يكاد يقول”اللهم اجعل كيد أعداء المغرب في نحورهم”..