لكبير بلكريم
تحولت المؤسسات التعليمية إلى ساحات اقتتال بالأسلحة البيضاء، لدرجة أن أغلب التلاميذ أصبحوا مدججين بسكاكين تحت إبطهم في انتظار الفرصة لتصفية الحسابات سواء فيما بينهم وزملائهم أو تصفية حسابات بينهم وبين من يلقنونهم العلم والحرف والمهارات التي تؤهلهم لمستقبل قادم.
أصبحت المؤسسات التعليمية تعيش انقلابا وتحولا خطيرا في القيم والمبادئ والسلوكيات، تدعو السياسيين والمجتمع المدني إلى الوقوف للنظر حول ما يقع داخل حرمة المؤسسة التعليمية وساحاتها وداخل فصولها، وبجنبات المدارس أيضا.
واعتبر متخصصون أن من أخطر الظواهر التي أخذت تنتشر وتتفاقم وتأخذ أشكالا عدة، أبرزها العنف اللفظي والجسدي والرمزي والعنف الممارس في وسائل التواصل الاجتماعي العنف الرقمي، والتي ينجم عنها سلوكات مرضية لدى المتمدرسين تنعكس على كل جوانب حياتهم، المعرفية والنفسية والاجتماعية. إن العنف المدرسي ظاهرة لم تنشأ من العدم، ولكن تقف خلفها جملة من الميكانيزمات والعوامل الاجتماعية المرضية، التي شكلت المستنقع الذي تفاقمت فيه أعراض هذا الداء، والتي تتجلى أبرزها في أساليب التنشئة الاجتماعية، وما تحمله من مضامين مشجعة على ممارسة العنف، إلى جانب تأثير المخدرات، وكذلك العوامل الفيزيولوجية لبعض المتمدرسين. لذا فإن الأمر يستدعي تضافر الجهود، من أجل ضمان تنشئة أسرية ومجتمعية سليمة، وكذلك تدخل القطاعات الوصية لمواجهة السلوكات العدوانية الممارسة داخل الوسط المدرسي قصد مكافحة هذه الظاهرة من خلال الحد من انتشارها، والوقاية منها.
وكان تقرير دولي صنف العنف المدرسي إلى أنواع تتجلى في العقاب البدني يقصد به العنف الذي تستخدم فيه القوة الجسدية للتسبب بالأذى مهما كان مقداره، ويتضمن ضرب الطالب وصفعه باليد أو باستخدام أداة ما، والحرق، والكي، والركل، والخدش، بالإضافة إلى إجباره على اتخاذ وضعيات غير مريحة.
وهناك عنف يمارس بشكل غير مباشر كنشر الإشاعات والأخبار الكاذبة عن تلميذ معين، مما يجعل الطالب عرضة لسخرية زملائه واستهزائهم به وعند تعرضه للعنف بشكل متكرر، ناهيك عن العنف الجنسي ويكون العنف الجنسي بمعاقبة الطلاب استنادا إلى جنسهم؛ كالعنف البدني الممارس على الفتيات نتيجة قيامهم بسلوك معين، والعنف الجنسي، والعنف النفسي الذي يحقر بعض الطلاب بسبب جنسهم أو لكونهم ضحايا ممارسات غير أخلاقية.
حدث وفاة أستاذة جراء إصابتها بضربة وجهها لها تلميذها خارج المؤسسة التعليمية أخرج النقابات من جحورها لتعلن الحداد وتلجأ إلى الوقفات الاحتجاجية، نحن اليوم قبل أي وقت مضى مطالبون جميعا نقابات وسياسيين وإداريين وتربويين للوقوف وقفة رجل واحد للتصدي لجذور ظاهرة العنف التي تنميها وتغذيها عوامل عديدة.
ألسنا مطالبين بإعادة النظر في أماكن السكن وعلى الخصوص السكن العمودي المشترك، الذي تحولت أحياؤه إلى مدن إسمنتية فاقدة لمظاهر العيش الكريم فاقدة للمرافق الاجتماعية التي تصقل وتنشئ وتربي وتعلم وتمتص الجوانب السلبية في شخصية الطفل بالإضافة إلى المناطق الخضراء المنعدمة نهائيا بهذا النوع من السكن الذي يبدو مجرد صناديق إسمنتية، لماذا لا يفرض تخصيص وتجهيز مساحات خضراء لساكنة هذا النوع من السكن الاجتماعي، لِمَ لا توجد مؤسسات ذات طابع اجتماعي وتربوي وترفيهي ورياضي.