خطّ المنتخب الأردني لكرة القدم صفحة جديدة في سجّل إنجازاته التاريخية بتأهله إلى نهائيات كأس العالم 2026 بأمريكا، تحت قيادة المدرب المغربي جمال السلامي وطاقمه الوطني، في إنجاز يليق بطموحات “النشامى” ويعكس نضج الكرة الأردنية التي باتت تتجاوز حدود الإقليم لتطرق أبواب العالمية.
هذا التأهل المستحق لا يمكن قراءته في معزلٍ عن إرث المدرب السابق الحسين عموتة، الذي صنع بدوره ملحمة كروية حين قاد المنتخب الأردني إلى نهائي كأس آسيا، ونجح في تجاوز عقبة الدور الأول من تصفيات كأس العالم، ممهدًا الطريق أمام السلامي ليكمل المشوار.
وكأن عموتة كتب الفصل الأول بحبر الانتصارات والروح القتالية، فيما جاء السلامي ليضع الخاتمة بميداد التأهل، في سيمفونية مغربية-أردنية تُسطر نموذجًا نادرًا للتعاون الرياضي بين بلدين شقيقين.
الدلالة الأعمق لهذا الإنجاز تتجاوز حدود الملعب، لتعكس مشروعًا كرويًا ينهض على التخطيط المستمر، وعلى رؤية تؤمن بأن الاستمرارية تصنع النجاح.
فعلى الرغم من تغير القيادة الفنية، حافظ الاتحاد الأردني على استراتيجية واضحة، تراكمت فيها الخبرات وتواصلت فيها الجهود، مستفيدًا من بصمة عموتة المميزة في بناء منتخب قوي متماسك، ومن مهارات السلامي في استثمار نقاط القوة وصقلها بمزيد من الانضباط التكتيكي.
لقد أظهر السلامي، بمعية طاقمه المغربي، فهمًا عميقًا لخصوصيات اللاعب الأردني، مستلهمًا من روح “النشامى” التي غرسها عموتة، ليصنع توليفة مدهشة من الثقة والطموح، جسّدها اللاعبون داخل المستطيل الأخضر بإصرارهم وعزيمتهم.
والواقع أن هذا الإنجاز ليس فقط انتصارًا رياضيًا، بل هو تجسيد لحالة من الإيمان بقدرة المدرب العربي على صناعة المعجزات حين تتوفر له البيئة الداعمة.
ولعل الدرس الأبرز الذي يمكن استخلاصه من هذه التجربة هو أن النجاحات لا تولد صدفة، بل هي ثمرة رؤية واضحة تتراكم فيها الخبرات، وتتوالى فيها الجهود، ليكتمل البناء مع كل محطة جديدة.
وهكذا، فإن جمال السلامي لم يكن مجرد مدرب عابر، بل جاء ليحصد ثمار مشروع بدأه سلفه عموتة، فأحسن رعايتها وأوصلها إلى المونديال.
اليوم، تكتب الكرة الأردنية بأحرف من ذهب فصلًا جديدًا، ويحق لكل أردني أن يفتخر بهذا الإنجاز الذي يليق بتاريخ “النشامى”.
كما يحق للمغاربة أن يرفعوا رؤوسهم عاليًا فخورين بما يقدّمه أبناؤهم من عطاء في ملاعب العرب، مجسدين نموذجًا رائعًا من التضامن الرياضي والمهنية العالية.
بين عموتة الذي خطّ أولى خطوات المجد، وسلامي الذي أتمّ المسار نحو كأس العالم، اكتمل الحلم الأردني ليصبح واقعًا ملموسًا، عنوانه: لا مستحيل أمام العزيمة. مبروك للأردن، ومبروك لجمال السلامي وطاقمه المغربي.. فقد كتبوا معًا فصلًا لن يُمحى من ذاكرة الكرة الأردنية.