شدد نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، على أن الحكومة عاجزة على خلق الثروة، وتوفير الشروط الكفيلة بجلب وتحفيز الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وتقوية الثقة في مناخ الأعمال، وعاجزة عن فتح ورش الاقتصاد غير المهيكل، ومحاربة الريع والامتيازات، والتهرب الضريبي، وعلى أن الحكومة تصر على مواجهة مطالب التنمية، وتواجه آمال الإصلاح والتغيير والتطور بأشباه الحلول، وبالتدابير الصغيرة والترقيعية، وبتدوير التوجهات والبرامج والوصفات التي لم تعد صالحةً لحاضر ومستقبل بلادنا.
وسجل نزار بركة خلال دورة المجلس الوطني، أنه رغم حدة الظرفية و الطابع الاستعجالي للإصلاح، غرقت الحكومة في الخلافات الاعتيادية لمكونات أغلبيتها، وفي حسابات الربح الانتخابي وصراعات الزعامة واستعراض القوة، واعتبر أنه مقابل هذه الحركية في صراعات الأغلبية الحكومية، وعوض أن تبادر الحكومة إلى الإبداع في وقف نزيف الثقة المتداعي عبر إطلاق التعبئة الوطنية استعدادا للمرحلة القادمة، وتسريع الفعل العمومي، والشروع في الإصلاحات المؤجلة والمعلقة، اصطفت هذه الحكومة هي الأخرى إلى جانب المُنتظرين والمُترقبين متناسيةً المسؤوليةَ الدستورية التي هي على عاتقها.
و أوضح نزار بركة، أن حزب الاستقلال نبه الحكومة، إلى أنه كلما تم إضاعة فرصة أو موعد أو إجهاض أمل بالإصلاح والتقويم والتصحيح والتغيير الذي يطمح إليه الجميع، كلما اتسعت دائرةُ الشك في المجتمع، وازدادت الأوضاع تعقيدا، وضاقت هوامش التدخل وارتفعت كُلفتُه بالنسبة للفاعل الحكومي والعمومي.
و طالب بركة، رئيس الحكومة بالإفصاح عن التوجهات الجديدة لحكومته المعدلة، بعد أن تغيرت تركيبة الأغلبية، واختلفت الهندسة الحكومية بالتقليص والإدماج والحذف، وتم إعفاء عدد كبير من الوزراء ارتبط أداؤهم وتأطر إلى حد كبير بالبرنامج الحكومي الذي سبق أن نال ثقة البرلمان في ظل النسخة الأولى من هذه الحكومة، كما ساءله عن هوية حكومته الهجينة، وهو الذي يتحمل مسؤوليةَ اقتراحِ جميع أعضائها بدون تمييز طبقا للدستور، مجددا مطالبة رئيس الحكومة بضرورة إضفاء الهوية السياسية والمضمون الديمقراطي لهذه الحكومة المعدلة، ليس فقط بالخطاب وبالكلام أو من خلال البحث عن الذرائع الدستورية.
وكشف بركة، أن معدل النمو الذي تحققه هذه الحكومة لا يتجاوز 3 في المائة، ومحتوى التشغيل في النمو في تراجع مُطرد، ومقاولات القطاع الخاص في إفلاس مستمر بمعدل إفلاس مقاولة في كل ساعة، بالإضافة إلى إدماج الشباب في الحياة المهنية والاجتماعية عبر التكوين الملائم والشغل اللائق، لا زال معطلا وسجينا لمقاربات تجريبية غير مضمونة، ومكلفة من حيث الموارد المالية، ومن حيث زمن الإنجاز.
وأوضح الأخ نزار بركة أنه بدل أن تلتزم الحكومة بوعودها من خلال تقديم مشروع القانون الإطار المتعلق بالنظام الضريبي الجديد، في ضوء نتائج المناظرة الأخيرة للجبايات، اختارت هذه الحكومة الاستجابة لإملاءات الاتحاد الأوروبي وإضعاف القدرة التنافسية للمقاولة المغربية وجاذبية بلادنا للاستثمارات، وهو ما يشكل تفريطا في سيادة القرار الاقتصادي الوطني، وسابقة خطيرة بالنسبة للمستقبل، و أن الحكومة أدرجت بانتقائيةٍ غير مفهومة عددا من التدابير الضريبية التي تناقضُ الفلسفة والقيم التي كانت محطَ إجماعٍ من قبل مختلف المشاركين والفاعلين في أشغال المناظرة الثالثة للجبايات، من قبيل الأمن القانوني الضريبي، والعدالة الضريبية، والمواطنة الضريبية التي هي واجب أساسي من واجبات المواطنة الكاملة غير القابلة للتجزيئ.
وكشف بركة، أن الحكومة المعدلة تجاهلت في مشروع قانونها المالي، كل ما من شأنه إنقاذ الطبقة الوسطى والقدرة الشرائية من التدهور والاندحار، الذي كان محورا أساسيا ضمن مخرجات مشروع المخطط الجبائي الذي انبثق عن أشغال المناظرة، وهي بذلك تتخلى بكيفية سافرة عن القدرة الشرائية للمواطن، ليواجه مصيره وحيدا أمام تقلبات أسعار السوق وغلاء المعيشة، لتكتفي الحكومة في مقابل ذلك، باعتماد الحلول السهلة من خلال إطلاق عفو ضريبي متعدد المجالات.
وجدد بركة، أن العفو الضريبي الذي تنتهجه الحكومة فيه مساس بدستورية مبدإ المساواة أمام الضريبة، وبشعور الطمأنة والانخراط في احترام القانون، وفيه مساس كذلك بصورة المغرب وبمجهوداته في إرساء الشفافية المالية ومحاربة التهرب الضريبي، ومكافحة تهريب وتبييض الأموال، وغيرها من الالتزامات الدولية لبلادنا، ذلك، أن مثل هذه التدابير المتعلقة بالعفو الضريبي، لا يمكن أن تصبح اعتيادية ودورية “2014-2020″، ولا يمكنها أن تصل إلى الأهداف المتوخاة منها.