المغاربة كبيرهم وصغيرهم مقتنعون بأنهم أنهوا مرحلة سميت بسنوات الرصاص، وقد ختموا على ذلك بهيئة التحكيم، تم هيئة الإنصاف والمصالحة، التي استهدفت الاعتراف بأخطاء الماضي وجبر الضرر والمصالحة مع الذاكرة التاريخية، وتم تتويج هذه المرحلة بدستور وصف في حينه بأنه دستور “ثوري” ركّز على الثوابت وجعل الخيار الديمقراطي استراتيجيا يستحيل التراجع عنه.
إذا كان المغاربة ملكا وشعبا مع هذه الخيارات، ومع القطع مع الماضي، والسير رأسا نحو المستقبل، فإن الحكومة تحاول إخراج نفسها من هذا “الإجماع الضمني”، وهي وحدها تريد أن تكون منفردة وتغرد بشكل منفرد، من خلال الحنين إلى الماضي، والحلم بـ”سنوات رصاص جديدة”.
مناسبة هذا الكلاام ما فاه فيه وزير التعليم العالي، صاحب السوابق في الكلام المثير للجدل، حيث قال من داخل مؤسسة دستورية، ألا وهي البرلمان، أنه لا تفاهم مع الطلبة المضربين في كليات الطب والصيدلة، وأنه لن تكون هناك دورة استدراكية، ولن تكون هناك تفاهمات، بل ستكون هناك عقوبات ومتابعات فقط.
عشنا حتى رأينا وزيرا يهدد أطباء المستقبل بالعقاب والسجن، وهو حلم بالعودة إلى سنوات الرصاص، في حق حملة “قلم الرصاص” من أهل العلم والمعرفة، وتهديدهم يعني محاولة لإسكات أصوات المحتجين، في وقت جعل الدستور من الاحتجاج حقا للمواطن للتعبير عن رأيه ومطلبه، وجلالة الملك محمد السادس، أول واحد يستمع إلى صوت الشعب وأنينه، وهو أول من سمع صوت الشباب المرتفع في الشوارع، وكانت الاستجابة سريعة رغم أن بعض اللوبيات لم يعجبها الحال، ولكن ملك البلاد مارس كل صلاحياته في الاستماع.
إن كان وزراء الحكومة ناسين نذكرهم بأن الدستور المغربي الحالي، اسمى وثيقة يتحاكم إليها المغاربة، جاء عن طريق الاستماع إلى الشعب، وليس عن طريق التخويف والتهديد، حيث تم الاستماع إلى الجميع، أحزابا ومنظمات مدنية ومهتمين وفاعلين وشباب، ولم يتم استثناء إلا من استثنى نفسه لأن لديه موقفا مختلفا، وحتى هؤلاء يعيشون بيننا وبين ظهرانينا لا يعتدي أحد على حقهم في قول ما يرونه حقا.
ولا نستغرب أن يكون وزيرا في الحكومة حاملا لمشعل سنوات الرصاص، فرئيس الحكومة وقبل أن يتولى المنصب، ومن الخارج من روما توعد المغاربة أن “يعيد تربيتهم”، وإعادة التربية عند المغاربة تحمل دلالات مختلفة، منها العقاب المادي والمعنوي والجسدي، فماديا ومعنويا لم يدخر جهدا في ذلك، وربما أطلق علينا وزراءه ليعاقبنا جسديا.
لا يمكن أن ننسى أن وزيرا مارس المحاماة سنوات طويلة ويعرف “بينه وبين القانون” هدد مسؤولا في إدارة ثقافية بتارودانت، وقال أنا وزير العدل وكل الأجهزة تحت يدي وأعرف لون جواربك “كنعرف اللودن ديال تقاشرك”، وهو تهديد مبطن ومرعب لمسؤول في إدارة لا تتبع إدارته أصلا.
التخويف الذي يمارسه بعض الوزراء هو حلم بالعودة إلى سنوات الرصاص لكن هيهات هيهات، فالمغرب أخذ طريقه نحو الديمقراطية.
انها عملية التويزة الحرث بالجرار وما ادراك ما الجرار لانه حزب فقد البوصلة بعدما رحل عنه اهل العزم من الحكماء اللهم سترك من دهس جرار بلا قائد (ݣواد عفوا).يا رب السلامة.