حسناء زوان ارتقت هاجر العيادر إلى السماء، بعد تعرضها لاعتداء يوم 27 مارس المنصرم على يد أحد طلبتها بواسطة “شاقور”. الطالب البالغ من العمر 21 سنة، من تلامذة هاجر، تدرسه اللغة الفرنسية في أحد مراكز التكوين المهني بمدينة أرفود والسبب حسب زميلة عمل لها، التحرش أعقبه إجراء تأديبي، لم يستسغه الطالب. هاجر، غادرتنا، والطالب سينال جزاءه، و”احنا فينا”؟ ماذا فعلنا من غير الشجب والاستنكار، لا شيء، غير مشاركة فيديو يوثق حادث الاعتداء. لم نفعل شيئا، حتى حين ظلت هاجر تعاني لوحدها بعدما تم نقلها في حالة حرجة إلى قسم العناية المركزة بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس إلى أن فارقت الحياة. لم نفتح نقاشا عموميا حول ظاهرة العنف التي أنهت حلم أستاذة شابة، “شمرت على ذراعها ” درست واشتغلت، تعرضت للتحرش، وماتت. لم نفعل شيئا، الأمر ليس بجديد، فقد سبق وفعلناها حينما بلغ إلى مسامعنا خبرٌ موثقٌ بالصوت والصورة، يفيد إرسال أستاذ ثانوي تأهيلي رياضيات للمستعجلات في الفقيه بن صالح، وإدانة تلميذ بـ 6 أشهر بتهمة محاولة قتل لأستاذه بالخميسات، وذات الشأن حين اعتدى تلميذ على مدير بحجر كبير متسببا له بإصابات خطيرة في رأسه بمدينة الخنيفرة. “اشنو هاذ الشي”؟ من المسؤول؟ وأين الخلل؟ تلاميذ وطلبة يعتدون على أساتذتهم بالعنف إلى حد القتل داخل المدرسة وخارج محيطها. من أضاع “هيبة” مدرستنا ومدرسينا؟ هل المنظومة التعليمية؟ الإعلام؟ أم المجتمع؟ أو الأسرة؟ الكل مسؤول، الكل تكالب على المدرسة العمومية خاصة حتى سلبوا منها هيبتها وهيبة أطرها التعليمية الذين كانوا في مدرسة “زمان” بمثابة الموجه والمربي الثاني بعد الأب والأم الذين كان شعارهم حينها “انت اضرب وأنا نعاونك”. لا شيء من هذا كله بقي، المدرسة اليوم لم تعد تقوم بدورها التعليمي فكيف بالتربوي؟ رغم “حزمة” من اللجان التي بدأت في سنة 1957 والمناظرات والإصلاحات منذ سنة 1980 والمخططات منها المخطط الخماسي 1973 ــ 1977، تبني ميثاق وطني للتعليم سنة 1981 والمخطط الاستعجالي الثلاثي 2009 ــ 2012 التي اعتمدها المغرب، آخرها خارطة الطريق 2022 ــ 2026. 65 سنة من البرامج الإصلاحية والمخططات الاستعجالية، وما زال التعليم لم يرق إلى مستوى انتظارات الشعب المغربي وإلى طموحاته كمجتمع مستقل يتمتع بحريته ويواكب التحضر العصري. كل المخططات الاستعجالية أكدت فشلها، بدليل ما قدمه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى في تقييمه لمنظومة التعليم العمومي، من أن تلاميذ المدرسة العمومية لا يستطيعون إنجاز عمليات رياضية بسيطة كالضرب والقسمة بعد ست سنوات من “سير وآجي” للمدرسة. مدرسة اليوم، “لا تربية ولا تعليم”، بل إنها لم تعد بالنسبة إلى تلميذ اليوم سوى مصلحة تمنحه شهادة “هذا اللي باغي يقرا”، أما سواه فالمدرسة و”الحبس” لديه سيان، والضحية هاجر وغيرها.