يتجه تقرير إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات، المرفوع الى جلالة الملك، للإطلاحة بوزراء في حكومة سعد الدين العثماني، سقطوا في إمتحان الكفاءة في التدبير المالي للقطاعات الوزارية المكلفين بها، وعجزوا عن تسيير مشاريع وبرامج حكومية، حيث عدد التقرير مجموعة من الخروقات والإختلالات التي سقط فيها الوزراء، بعدما كشف التقرير فشل تدبير عزيز أخنوش لقطاع الفلاحة والصيد البحري، وتعثر برامج “أليوتيس” و “وحدات الصيد البحري”، و”المغرب الأخضر” وفشل مراقبة ” أونسا” والتساهل في دخول مبيدات زراعية خطيرة، وسقوطك رشيد الطالبي العلمي غفي خروقات التسيير أمام موارد الدولة، وضلوع الوزيرعبد القادر اعمارة في شراء مقتنيات تقدر في السوق بـ200 درهم وضع لها رقم 750 درهم للواحدة، فيما سقط الوزير عزيز الرباح أمام تعثر مجموعة من المشاريع المقدرة بقيمة مالية تساوي 3 مليار سنتيم.
وتنذر مؤشرات التقرير، بالإطاحة بوزراء الحكومة، بعدما عرى إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات، في تقرير “خطير” تدبير عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، للقطاع الفلاحي وكشف “فشل” مجموعة من البرامج الفلاحية المرصود لها الملايير من الدراهم، وضعف المراقبة والمتابعة الوزارية للمسؤول الأول عن القطاع الحيوي والمهم، والسقوط في أخطاء تدبيرية خطيرة في القطاع الفلاحي، جعلت من برنامج “المغرب الأخضر” قريب الى التدهور ، وبرنامج توسيع الري متوقف ومشاريعه متعثرة، وبرنامج دعم الفلاحين وتثمين الوحدات الفلاحية يعيش مرحلة “ضياع” أمام غياب استفادة الفلاحين، والسماح لمكاتب دراسية بالاستحواذ على صفقات برنامج “أليوتيس ” بحوالي 36 مليون درهم، والتساهل في دخول مبيدات زراعية ممنوعة وغير مراقبة، وتحمل جينات خطيرة، قد تضر بالزرع والفلاحة والأراضي، حيث فضح التقرير ادريس جطو، تدبير الوزير عزيز أخنوش “السيئ والعشوائي” لقطاع الفلاحة والصيد البحري، متسائلا عن التعامل وزارة الفلاحة مع مكتب دراسات معين في مجموعة من الصفقات الخاصة ببرنامج “أليوتيس” بما يقدر بمنح 37 مليون درهم لمكتب الدراسات في ثلاث صفقات، حيث شدد قضاة جطو على أن برنامج ” أليوتيس”، “لم يحدد بدقة الغلاف المالي الإجمالي، ولا الميزانيات المخصصة ومصادر تمويل المشروع المبرمجة كما لم يتضمن المخطط أي برمجة لتنفيذ هذه المشاريع، وفيما يخص تحقيق الأهداف المسطرة سجل المجلس ضعف نسبة انجاز المشاريع المهيكلة وبطء في تحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية منها حجم حصة المغرب في السوق الدولية وإنتاج تربية الاحياء البحرية واستهلاك المنتجات البحرية داخليا.
ونبه قضاة جطو، الوزير عزيز أخنوش الى أن ذلك ” أدى الى تكليف نفس مكتب الدراسات بالقيام بعمليات اعداد وتتبع وتقييم انجازات المخطط من خلال ثلاث صفقات بمبلغ قدره 37 مليون درهم وهو ما ينطوي على مخاطر ترتبط بموضوعية تحاليل وخلاصات مكتب الدراسات المشار اليه”.
وأكد تقرير جطو، أن المغرب يتوفر على منطقة بحرية تمتد على حوالي 1.12 مليون كيلومتر مربع، من اغنى المناطق بالثروة السمكية، صادرات المنتجات البحرية بلغت 22 مليار درهم في سنة 2017 ما يمثل حوالي 50 بالمائة ن المواد الغذائية والفلاحية و 10 بالمائة من الصادرات، حيث أنجز المجلس مهمة تقييم قطاع الصيد البحري ومخطط اليوتيس للفترة ما بين 2009 و 2020
كما فضح تقرير إدريس جطو، “إختلالات تدبير قطاعات وزارية” يشرف عليها وزراء من حزب العدالة والتنمية، وكشف التقرير ضعف التسيير والراقبة ومتابعة الوزراء للمصالح المالية بالوزارة، حتى سقطت في خروقات وصفت بـ”غير المعقولة”، وصلت الى درجة تبديد أموال عمومية في شأن اقتناء بعض المستلزمات، و مبالغة الوزير عبد القادر اعمارة في إقرار أثمنة بعض سندات الطلب، بشراء مداد مخصص للطابعات لا يتجاوز سعره في السوق 2000 درهم بثمن 16800 درهم، كما سجل شراء الوزارة لـ50 وحدة لحاملي بيانات ” USB” لا يتجاوز سعر الواحدة في السوق 200 درهم بـ750 درهم للوحدة.
ووقف التقرير على اختلالات وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، على عهد الوزيرين الرباح وزميله اعمارة وخاصة في بعض أثمنة سندات الطلب، و تعثر في إنجاز مشاريع، حيث سجل التقرير ” خلال تدبير الرباح لقطاع النقل عدم توفر وزارة التجهيز والنقل واللوجستبك على سياسة واضحة أو برنامج أو تدابير مكتوبة ومعلنة تحدد المسؤوليات والأهداف الكمية والنوعية السنوية، بشأن ترشيد النفقات والاقتصاد فيها بالنسبة لكل مسؤول بالوزارة، وغياب مؤشرات وآليات للتقييم بشكل دوري لقياس النتائج في مجال ترشيد النفقات”.
وشدد مجلس جطو ، على أن وزارة اعمارة لا تتوفر على مصلحة مكلفة بمراقبة التسيير يعهد إليها بدراسة الصفقات وعقود الشراء من حيث التكلفة والجودة، كما أنها لا تولي الأهمية المناسبة لمحاسبة التكاليف أو على الأقل العمل على تحليلها من أجل التحكم فيها”.
ووقف التقرير، على المشاريع المتعثرة التي تشرف عليها وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، والتي تفوق مبالغها 3 مليار سنتيم، والمصادق عليها من طرف مديرية الشؤون التقنية، وبلغت الصفقات العمومية المتنازع بشأنها ما بين 2012 و 2016 بين الوزارة والأغيار ما مجموعه 227 قضية منها 133 قضية رائجة و 60 قضية محكومة وقضية واحدة في انتظار الحكم و 33 قضية تم تنفيذها، كما أن القضايا المحكومة بلغت 60 قضية، وكلفت خزينة الوزارة، إلى حدود 2017، ما يقارب 19 مليار سنتيم، وهو مبلغ مرشح للتضاعف في انتظار النطق بأحكام القضايا العالقة والتي تنتظر البث، علما أن أغلب الملفات انصبت على فوائد التأخير وأداء الاقتطاع الضامن وأداء كشوفات تفصيلية نظير الأشغال المنجزة ومستحقات نزع الملكية.
وتتجه المؤشرات الى خروج رشيد الطالبي العلمي وزير الشباب والرياضة، من الحكومة، بعدما سقط أمام إمتحان إفتحاص مجلس جطو لقطاعه الوزاري، ورفض الطالبي العلمي الجواب على ما رصده المجلس الأعلى للحسابات من إختلالات وخروقات في التسيير، حتى رفع التقرير الى جلالة الملك محمد السادس، مضمنا لعبارة “رفض التعقيب على ملاحظات المجلس الموجهة للوزير”، كاشفا أن ” التصرف في مداخيل وزارة الشباب والرياضة فاق مبالغ المداخيل الحقيقية، وأن تدقيق الإيرادات السنوية المنجزة من طرف الصندوق الوطني لتنمية الرياضة، أظهر أنه في سنة 2014 كان يٌبلغ بشكل خاطئ بمداخيل سنوية تفوق المبالغ المستحقة له فعليا، وأنه ” بناء على المطابقات المحاسبية التي قامت بها مصالح الوزارة مع مصالح الخزينة العامة للمملكة سنة 2015، فقد تم حصر قيمة المداخيل المبلغة خطأ في حدود 22,1 مليار درهم”.
وكشف التقرير، أن الخطأ في تبليغ مداخيل أكثر من المستحق، يرجع إلى الطريقة غير السليمة التي كانت متبعة لتحديد الرصيد الافتتاحي السنوي للصندوق، القائمة على إدراج وتقييد الإعتمادات المرحلة المتعلقة “بالباقي أداؤه” عن النفقات الملتزم بها من طرف الآمرين المساعدين بالصرف على مستوى المصالح الخارجية ضمن الإعتمادات المرحلة المتعلقة بفائض المداخيل التي لم تكن موضوع التزام مالي.
وشدد مجلس جطو، على ذلك مخالفة للمقتضيات القانونية والتنظيمية المؤطرة للمالية والمحاسبة العمومي، لأن الرصيد الافتتاحي للمداخيل في هذه الحالة كان يضم في جزء منه اعتمادات سبق أن التزم بها والتي لا يمكن أن تكون محل التزام ثان، حيث كانت المصالح المركزية كانت تتصرف في هذه المداخيل غير المستحقة من خلال الالتزام بها مرة ثانية وأداء المستحقات المالية المترتبة عن ذلك.
وكشف المجلس أنه ” وضعت خطة لتصحيح الوضعية المالية للصندوق وإرجاع المداخيل المبلغة خطأ لفائدة خزينة الدولة، و تسوية تمتد على ثلاث سنوات، حيث تم الشروع ابتداء من سنة 2016 في الاحتفاظ وعدم التصرف في جزء من المداخيل المحققة سنويا إلى غاية الحصول على مجموع قيمة الأموال المتصرف فيها خطأ في غضون سنة 2018، ليتم بعد ذلك إرجاع تلك الأموال دفعة واحدة إلى خزينة الدولة”.