في الحد الأدنى كان على يونس السكوري، وزير الإدماج الاجتماعي والتضامن والتشغيل والكفاءات، تقديم استقالته تحملا للمسؤولية السياسية فيما حدث لوزارته من اختراق شنيع، خصوصا وأنه تم من بوابة “خادم” الوزارة، وبالتالي كان عليه أن يبرهن عن تحمل المسؤولية بدل رميها على مؤسسات أخرى تابعة لوزارته، ففي كل بلاد الدنيا يتحمل الوزير، بصفته المسؤول السياسي عن القطاع، مسؤولية ما يجري.
ما جرى ليس بسيطا. ليس من حيث المحتوى الذي قد يكون متاحا ويمكن الوصول إليه عبر الولوج العادي، لكن ينبغي الاعتراف أن من سرّب المعلومات المذكورة لم يصل إليها بشكل طبيعي ولكن قام باختراق مؤسسة عمومية.
الوزارة حاولت “تبريد الطرح” من خلال توضيحها، الذي قالت فيه إنه لم تتم أية عملية اختراق لقاعدة معطيات حساسة.
بغض النظر عن طبيعة المعلومات التي تم تسريبها، فإنها تكتسي أهمية كبرى من حيث أنها معطيات شخصية، لكن من وصل إلى معطيات ليست ذات طبيعة حساسة يمكن أن يصل إلى معلومات استراتيجية مرة أخرى.
المعضلة ليست في الوصول إلى “خوادم” مؤسسات عمومية، ولكن المعضلة بنيوية. في كل بلاد الدنيا تتم عمليات اختراق، في بلادنا وباستثناء بعض المؤسسات، التي تتعامل بصرامة مع التقنيات، مثل الجيش والأمن وبعض المؤسسات الحساسة، فإن أغلب المؤسسات التابعة للحكومة تعاني من الهشاشة فيما يتعلق بموضوع الحماية المعلوماتية.
الحماية المعلوماتية ضرورية للسيادة الوطنية، ولا يمكن الحديث عن السيادة الوطنية دون حماية سيبرانية، إذا أصبحت معلوماتك في يد الغير، فقد أصبحت تحت مجهر أعدائك، حتى لو كانت تلك المعلومات غير ذات حساسية كما تقول الوزارة.
أين تكمن المعضلة؟
نرى أن المشكل الأساسي يكمن في الصفقات المتعلقة بالمشاريع الخاصة بالتكنولوجيا الرقمية والبرامج لا تمر عبر الشفافية والنزاهة، وبالتالي لا يتم التركيز على الجودة، لهذا تعاني مشاريع البرامج من الهشاشة مثل هشاشة الطرقات والقناطر، التي تساقطت مع القطرات الأولى للأمطار، التي جعلت بعض الوديان تدفع فائضها الماضي.
ومع كامل الأسف الشديد فإن المغرب معروف بتطوره في هذا المجال ومشهود له بالكفاءة، بل إن بعض الأطر المغاربة معروفون في العالم، وبالتالي الأمر ليس متعلقا بالكفاءة ولكن متعلق باختيار عدم الكفاءة للقيام بهذه المهام، ولو كان الأمر يتم عبر القواعد المعروفة، عن طريق طلبات عروض شفافة ومراقبة بعدية كبيرة ما تم هذا الاختراق.
أي معلومة يحصل عليها خصمك تصبح ضدك، مهما كانت قيمة هذه المعلومة سواء كبرت أو صغرت، ولا توجد معلومة غير مهمة بشكل نهائي، الفرق فقط في بعض المعلومات التي تكون قاتلة.
تعرضت مؤسسات عمومية كثيرة لاختراقات كالمكتبة الوطنية وبعض الوزارات ناهيك عن اللجنة الوطنية للمعلومات المخولة بحمايتنا من الاختراق وهي أيضا تعرضت للقرصنة “جزار ومعشي باللفت”، ونبحث اليوم عن دورها لكنها لم تتحدث أما وزارة التحديث الرقمي فهي في خبر كان.