يفتتح البرلمان، يوم الجمعة 11 أبريل 2025، الدورة الثانية من السنة التشريعية الرابعة ضمن الولاية التشريعية الحادية عشرة، في سياق سياسي واجتماعي يتسم بارتفاع منسوب التوتر والتجاذب، ووسط تحديات كبرى ترتبط بانتظارات الشارع وتراكم الملفات الإصلاحية المؤجلة.
وتأتي هذه الدورة في لحظة مفصلية من عمر الولاية التشريعية الحالية، حيث لم يعد يفصل المملكة سوى عام واحد عن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ما يمنح هذه الدورة صبغة خاصة، ويحولها إلى محطة حاسمة لتقييم الأداء السياسي والتشريعي للأغلبية والمعارضة على حد سواء.
ويُنتظر أن تشهد هذه الدورة زخماً تشريعياً كبيراً، خاصة مع وجود مجموعة من الملفات الكبرى قيد النقاش، في مقدمتها مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي يعد من الركائز الأساسية في مسار تحديث منظومة العدالة، إضافة إلى قوانين التغطية الاجتماعية ومدونة الأسرة، والتي تعكس انتظارات ملحة لفئات واسعة من المجتمع المغربي.
وتتوزع الأجندة التشريعية كذلك بين مواصلة تنزيل ورش إصلاح نظام التقاعد، الذي بات مطلباً استعجالياً في ظل الضغوط المالية المتزايدة على الصناديق، وبين العمل على تفعيل مخرجات الحوار الاجتماعي بما يضمن تحقيق توازن بين المطالب الاجتماعية والقدرة الحكومية على الاستجابة.
وما يضفي مزيداً من التعقيد على هذه الدورة البرلمانية، أن أغلب النصوص المعروضة أمام المؤسسة التشريعية لا تزال محل تجاذب سياسي ومجتمعي حاد، إذ تختلف وجهات النظر بخصوصها بين الفرقاء السياسيين من جهة، وبين الحكومة والفئات المهنية المعنية من جهة أخرى.
وفي الوقت الذي تتطلع فيه الحكومة إلى تمرير إصلاحات وصفتها بـ”الاستراتيجية”، ترى أطراف معارضة ونقابية أن عدداً من الإجراءات لا يرقى إلى مستوى التحديات التي يواجهها المواطن المغربي، خصوصاً في ظل تصاعد مؤشرات الغلاء، وتآكل القدرة الشرائية، واتساع رقعة البطالة.
ويرى مراقبون أن هذه الدورة البرلمانية تمثل اختباراً حقيقياً لمدى قدرة النخبة السياسية على إدارة الحوار التشريعي بمسؤولية، ووضع مصلحة المواطن فوق الحسابات الانتخابية الضيقة، خاصة في ظل الاحتقان الاجتماعي المتزايد، وتراجع منسوب الثقة في المؤسسات.
وإذا كانت الحكومة تراهن على تمرير قوانين مصيرية قبل دخول سنة الانتخابات، فإن المعارضة بدورها تتحين الفرصة لتكثيف الضغط السياسي واستثمار اللحظة لتعزيز رصيدها الانتخابي، ما ينذر بدورة تشريعية ساخنة ومليئة بالشد والجذب داخل قبة البرلمان.