قال رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية في المغرب ، سمير بودينار ، إن التحديات التي تواجه المنطقة العربية بعمومها مركبة ، وتحتاج إلى آليات عملية وممنهجة لإخراج العقل العربي من التفكير المحدد ضمن الموروثات التي اكتسبها والتصنيفات ذات الطابع التاريخي.
وأضاف بودينار ، خلال لقاء حواري نظمه منتدى الفكر العربي لمناقشة مضامين كتاب ” لعبة الأمم وإدارة العقل العربي ” لمحمد عيسى العدوان ، ” لأننا بوصفنا مجتمعات أصبحنا في أمس الحاجة لتجاوز مناقشة العقل العربي باعتباره كائنا تاريخيا نتلمس معالمه في التجربة التاريخية كما نظر كثير من المفكرين العرب أمثال محمد عابد الجابري بتحليله لنظم العقل العربي الثلاث من خلال البحث في التراث ولو باستخدام أدوات نقدية غربية “.
وأشار خلال هذا اللقاء الذي شارك فيه مثقفون وأكاديميون عرب ، إلى الدعوة لاعتبار العقل العربي كائنا اجتماعيا يبنى باستمرار ، وحيويا وتفاعليا ، مبرزا في هذا السياق ، أهمية التوثيق كشكل من أشكال الاعتناء بالذاكرة ، الذي يعلي من قيمة المصادر الاستدلالية للوثيقة ، في تفاعلها مع تداعيات الحدث في سياقاته التاريخية ومع مسؤولية العقل الإنساني في التمحيص والتحليل والاستدلال والمقارنة.
ولفت إلى أن العقل العربي قادر على أن يتطور ويتفاعل ، ويراكم على الخبرات السابقة ليدرك القضايا السياسية والفكرية ويستفيد منها ويبني عليها ، مما يفرض دراسة الوثيقة من خلال تحليلها بشكل موضوعي وفي سياقها التاريخي المتكامل ، وتحليل عناصرها بشكل مركب ، ثم مقارنتها بما لدينا من معطيات خارجة عنها للخروج برؤية واضحة وبناء معرفة حقيقية لصالح الأجيال الحالية والقادمة.
من جانبه ، قال رئيس هيئة الشباب والتنمية في المعهد العالمي للتجديد العربي ، حسين السرحان ، إن ” مفهوم التوثيق ما يزال محاصرا في المنطقة العربية ، ولم يعط الأبعاد الثقافية التي يحتاجها ، وأنه من الممكن العمل على ربط علم التاريخ بعلم التوثيق لبيان ورصد وتحليل المشهد كاملا ” .
ولفت إلى أن هناك العديد من رجالات الدولة الأوائل أصحاب الفكر الراسخ والعميق قاموا بإنجازات مهمة وعديدة ينبغي العمل على دراستها وتوثيق سيرهم.
أما محمد عيسى العدوان ، مدير مركز الدعم الوطني للتوثيق التابع لجامعة الدول العربية والرئيس المؤسس لمركز عم ان والخليج للدراسات الاستراتيجية ، فلفت إلى أن كتابه ” لعبة الأمم وإدارة العقل العربي “، نتاج الجمع والبحث والتكشيف والاطلاع على مئات الوثائق في الأرشيفات العربية والدولية خلال السنوات الماضية .
وأشار إلى أن الكتاب يقدم توثيقا للماضي ليتم من خلاله فهم الحاضر ، والتخطيط للمستقبل ، وإن توثيق الأحداث التاريخية والسياسية لا يكون من أجل التباكي أو التباهي ولا لإثارة الأحقاد ، ولكن للحصول على الفهم والإدراك والمعرفة التي تقود إلى الرشد ، مبينا أن البعد النفسي للإنسان العربي خصوصا والإنساني عموما من الممكن أن ي عزز أو ي شو ه بعيدا عن الأداء الحقيقي في الحكم ، والتعامل مع الشخصيات العامة والأحداث التاريخية .
واعتبر باقي المتدخلون ، أن التوثيق الذي يعتمد على الجمع والبحث والتكشيف والاطلاع على مئات الوثائق في الأرشيفات العربية والعالمية هو الأساس لنيل المعرفة الأكيدة ، والنهج الأنسب